للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الزنا: فلا بد من ثبوت الزنا بالإقرار، أو بشهادة أربعة شهداء يُحدِّدُون ذلك، ويبيِّنونه، وهذا أمرٌ معروف (١).

فالآية التي معنا هنا وهي قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ}، فلا خلافَ بين العُلَماء في أَنَّ المَحيضَ الأوَّل هو الحَيض؛ وذَلكَ لمَا يَلي:

(١) لأنَّ المحيضَ يُطْلق وُيرَاد به موضع الدم.

(٢) ويُطْلق ويُرَاد به الأذى.

فهنا {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ}: المَحيضُ هنا باتفاق العلماء إنَّما هو الأذى؛ لأنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: {هُوَ أَذًى}، ثمَّ جَاء بعد ذَلكَ قَوْله تَعالَى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}.


(١) مذهب الحنفية، ينظر: "الهداية مع البناية" للمرغيناني (٦/ ٢٥٦، ٢٥٧) حيث قال: "الزنا يثبت بالبينة والإقرار، والمراد ثبوته عند الإمام؛ لأنَّ البينةَ دليل ظاهر، وكذا الإقرار؛ لأنَّ الصدقَ فيه مرجح، لا سيما فيما يتعلق بثبوتِهِ مضرة ومعرة، والوصول إلى العلم القطعي متعذر، فيُكْتَفى بالظاهر".
ومَذْهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير وحاشية الدسوقي (٤/ ٣١٨، ٣١٩) حيث قال: "ويثبت الزنا بأحد أمور ثلاثة: بإقرار ولو مرة … ولثبت بالبينة العادلة أربعة رجال يَرَونه كالمرود في المكحلة برؤيا وزمنٍ اتَّحدا … ويثبت بحملٍ أي: بظهوره في امرأة غير متزوجة، وغير ذات سيد مُقِر به".
ومَذْهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٩/ ١١٢) حيث قال: "ويثبت الزنا ببينةٍ … وكيفية الإدخال ومكانه ووقته … وعن جمع أنه لو شهد أربعة بزناه بأربع نسوة، لكن اقتصر كلٌّ منهم على أنه رآه يزني بواحدةٍ منهن، حد؛ لأنه استفيد من مجموع الشهادات الأربع ثبوت زناه بأربعةٍ، وليسَ كَمَا زعموه؛ لأن كلًّا شهد بزنا غير ما شهد به الآخر، فلم يثبت بهم موجب الحد، بَلْ يحد كل منهم؛ لأنه قاذف أو إقرار حقيقيّ مفصل".
ومَذْهب الحنابلة، يُنظر: "منتهى الإرادات" لابن النجار (٥/ ١٢٦، ١٢٧) حيث قال: "الثالث: ثبوته، وله صورتان؛ إحداهما: أن يقر به مكلف … الثالث: ثبوته، وله صورتان؛ إحداهما: أن يقر به مكلف … الثانية: أن يشهد عليه في مجلس أربعة رجال عدول".

<<  <  ج: ص:  >  >>