للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنتخذ الخمر خلًّا؟ " قال: "لا" (١).

قوله: (وَاخْتَلَفُوا إِذَا قُصِدَ تَخْلِيلُهَا؛ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: التَّحْرِيمِ، وَالْكَرَاهِيَةِ، وَالْإِبَاحَةِ؛ وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِلأثَرِ، وَاخْتِلَافُهُمْ فِي مَفْهُومِ الْأَثَر).

وقد أُثر عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: لا يحلّ تخليل الخمر بإفسادها، إما أنْ تفسد، أو أن يُفسدها الله سبحانه وتعالى (٢).

قوله: (وَذَلِكَ أن أَبَا دَاوُدَ خَرَّجَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ "أَنَّ أَبَا طَلْحَة سَأَلَ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا، فَقَالَ: "أَهْرِقْهَا"! قَالَ: أَفَلَا أَجْعَلُهَا خَلًّا؟ قَالَ: لَا (٣)).

هذا دليلٌ على أن الخمر كما هو معلوم كانت مباحة، وكانت هناك خمرٌ عند أبي طلحة لأيتام، فلما نزل تحريم الخمر؛ أخذوا يلقونها في الأزقَّة، ورأى أن هذه خمرٌ لأيتام، فأشكل على أبي طلحة، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنُخلِّلها لتتحول خلًّا؟ لأنها إذا تحولت خلًّا؛ يستفيد منها، وتباع؛ والرسول قد أمره بإهراقها، وقطع أي طريقٍ يوصل إلى ذلك.

قوله: (فَمَنْ فَهِمَ مِنَ الْمَنْعِ سَدَّ ذَرِيعَةٍ؛ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ، وَمَنْ فَهِمَ النَّهْيَ لِغَيْرِ عِلَّةٍ؛ قَالَ بِالتَّحْرِيمِ، وَيخَرَّجُ عَلَى هَذَا أن


(١) أخرجه مسلم (١٩٨٣).
(٢) أخرج البيهقي في "الكبرى" (١١٢٠١): عَنْ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أُتِيَ بِالطَّلَا وَهُوَ بِالْجَابِيَةِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ يُطْبَخُ وَهُوَ كَعَقِيدِ الرُّبِّ، فَقَالَ: "إِنَّ فِي هَذَا لَشَرَابًا مَا انْتَهَى إِلَيْهِ فَلَا يُشْرَبُ خَلُّ خَمْرٍ أُفْسِدَتْ حَتَّى يُبْدِيَ اللّهُ فَسَادَهَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَطِيبُ الْخَلُّ، وَلَا بَأُسَ عَلَى امْرِيءٍ أَنْ يَبْتَاعَ خَلًّا وَجَدَهُ مَعَ أَهْلِ الْكِتَابِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمْ تَعَمَّدُوا إِفْسَادَهَا بَعْدَمَا عَادَتْ خَمْرًا" قَوْلُهُ: أُفْسِدَتْ يَعْنِي: عُولِجَتْ.
(٣) أخرجه أبو داود (٣٦٧٥)، وصححه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>