للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجهل كثيرًا من أحكام الصلاة ولم يذكر له التشهد وهو بحاجة إلى البيان، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز (١)، وكون الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يبين له فذلك دليل على عدم وجوبه.

- عندما قام الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- من الركعة الثانية ولم يجلس للتشهد، ثم سجد سجدتين -يعني: للسهو- ثم صلى، ولو كان واجبًا لعاد إليه وجلس، فدل ذلك على عدم وجوبه كما جاء في الحديث الصحيح (٢).

الثاني: وهو قول الإمام أحمد في رواية (٣)، ومعه الحسن بن صالح (٤)، وبعض العلماء (٥)، وهم يرون أن التشهد الأول والجلوس له واجبان، قالوا: لأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل ذلك وجلس للتشهد وتشهد -صلى اللَّه عليه وسلم- وداوم على ذلك، وقد قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" في حديث مالك بن الحويرث (٦)، وذلك دليل على أنه واجب.


(١) سبق بيان هذه القاعدة.
(٢) أخرجه البخاري (٨٢٩)، واللفظ له، ومسلم (٥٧٠/ ٨٥) عن عبد اللَّه بن بحينة: "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى بهم الظهر، فقام في الركعتين الأوليين لم يجلس، فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس، فسجد سجدتين قبل أن يسلم، ثم سلم".
(٣) سبقت.
والقول بالوجوب هو المشهور. انظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ٢١٩)، وفيه قال: " (ومنها)، أي: الواجبات (تشهد أول) وهو السابع. (و) الثامن: (جلوس له) للأمر به من حديث ابن عباس، مع ما تقدم، ولأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- سجد لتركه".
(٤) لم أقف على قوله.
(٥) وهو مذهب الأحناف من أنه واجب استحسانًا.
انظر: "بدائع الصنائع"، للكاساني (١/ ٢١٣)، وفيه قال: "التشهد في القعدة الأولى واجب استحسانًا، وقال القاضي أبو جعفر الأسروشني: إنه سنة، وهذا أقرب إلى القياس؛ لأن ذكر التشهد أدنى رتبة من القعدة؛ ألا ترى أن القعدة الأخيرة لما كانت فرضَا كانت القراءة فيها واجبة؟ فالقعدة الأولى لما كانت واجبة يجب أن تكون القراءة فيها سنة ليظهر انحطاط رتبته والصحيح أنه واجب". وانظر: "المحيط البرهاني"، لابن مازه (١/ ٣٣٨).
(٦) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>