للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: سُمِّي مفلسًا؛ لأنَّه كان يتعامل بالدينار وبالدرهم والريالات، ونحوها، وأصبح يتعامل بالفلوس، والفلوس هي أدنى شيءٍ، أو لأنَّه لا يتصرف في ماله إلا بقدرٍ قليلِ وهي الفلوس، أو لأنَّه يُحْجر عليه بحيث لا يتصرَّف بماله في غير ما تكونَ هناك حاجة أو ضرورة لو بفلسٍ.

إذًا، ينتهي الأمر إلى أن حاله قد تغيرت، كان صاحب مِلْكٍ إلى أن أصبح لا يملك شيئًا.

قال المصنف رحمه الله تعالى: (وَالنَّظَرُ فِي هَذَا الكِتَابِ فِيمَا هُوَ الفَلَسُ، وَفِي أَحْكَامِ المُفْلِسِ، فَنَقُولُ: إنَّ الإِفْلَاسَ فِي الشَّرْعِ يُطْلَقُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: أن يَسْتَغْرِقَ الدَّيْنُ مَالَ المَدِينِ، فَلَا يَكُونُ فِي مَالِهِ وَفَاءٌ بِدُيُونِهِ. وَالثَّانِي: ألَّا يَكُونَ لَهُ مَالٌ مَعْلُومٌ أَصْلًا. وَفِي كِلَا الفَلَسَيْنِ قَدِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي أَحْكَامِهِمَا).

إنسانٌ له مالٌ، لكن ما عليه من الديون تستغرقه، وقد يكون إنسانٌ علَيه ديون ولا يُعرف له مال، وربما يكون عنده مال يخفيه كما هو موجود في مثل هذا الزمان عند بعض الناس ممن يماطلون.

قوْله: (فَأَمَّا الحَالَة الأُولَى وَهِيَ إذا ظَهَرَ عِنْدَ الحَاكِمِ مِنْ فَلَسِهِ مَا ذَكَرْنَا: فَاخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ؛ هَلْ لِلْحَاكِمِ أن يَحْجُرَ عَلَيْهِ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ حَتَّى يَبِيعَهُ عَلَيْهِ، وَيُقَسِّمَهُ عَلَى الغُرَمَاءِ عَلَى نِسْبَةِ دُيُونِهِمْ، أَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟).

على كل حال، الحاكم لا يتدخل في أمر ذلك إلا إذا رفع الغرماء أمره إليه، كما حصل ذلك مع معاذ بن جبل - رضي الله عنه -، وكذلك مع جابر بن عبد الله لما خلفه والده من ديون، فمثل هذا إذا رفع إلى الحاكم، فإنَّ


= عدم ماله بعد وفاء دينه، ويجوز أن يكون سمي بذلك؛ لأنه يمنع من التصرف في ماله، إلا الشيء التافه الذي لا يعيش إلا به، كالفلوس ونحوها ".

<<  <  ج: ص:  >  >>