للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشركين في المسجد (١)، فإذا جَاز أن يبقى المشرك في المسجد، أليسَ الجنب أَوْلَى بذلك وأَحْرَى؟ فلماذا يمنع؟

* ولأنَّ الأصلَ في ذلك عدم التحريم، ولا نجد نصًّا صحيحًا صريحًا يحرم ذلك.

وقد ردَّ الجمهور على هَذِهِ الأقوال، فقالوا:

بالنسبة للحنفية قولهم بتخصيص المسافر، وأنه هو المراد في الآية غير مُسلَّمِ به؛ لأن هذه لا يختلف فيها المسافر وغيره، فالحاضر أيضًا لو لم يجد الماء، فإنه يتيمم ويدخل المسجد ويصلي، وليست هذه محل خلافٍ، فلماذا خصصتم المسافر دون غيره؟ (٢)، أليسَ الحَاضر إذا لم يجد لم يجد ماءً، أو عَجَز عن استعمال الماء أليسَ يتيمَّم ثم بعد ذلك يصلي؟ إذن، لا نَجد فرقًا لَا نَجد فرقًا بين الأمرين.

أمَّا بالنِّسبة لأَهْل الظَّاهر واستدلالهم بالحديث الصحيح (٣): "إنَّ المسلم لا ينجس"، فإن الرسول -عليه الصلاة والسلام- الذي قال:


(١) كثمامة بن أثال، والحديث أخرجه البخاري (٤٦٢) واللفظ له، ومسلم (١٧٦٤) عن أبي هريرة، قال: بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- خيلًا قِبَلَ نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال، فربطوه بساريةٍ من سواري المسجد، فخرج إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أطلقوا ثمامة"، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وإن محمدًا رسول الله".
(٢) يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي (١/ ١٧١)، حيث قال: "والمراد بعابري سبيل في الآية المسافرون، كَمَا هو منقولٌ عن أهل التفسير، فالمسافر مستثنًى من النهي عن الصلاة بلا اغتسالٍ، ثم بيَّن في الآية أن حكمَه التيمم، وتمام الأدلة من السُّنَة وغيرها مبسوط في البحر".
(٣) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ٤٠٠)، حيث قال: "وجائز للحائض والنفساء أن يتزوجا، وأن يدخلا المسجد، وكذلك الجنب؛ لأنه لم يأتِ نهيٌ عن شيء من ذلك، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المؤمن لا ينجس"، وقَدْ كان أهل الصفة يبيتون في المسجد بحضرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهم جماعةٌ كثيرةٌ، ولا شك في أن فيهم من يحتلم، فما نهوا قط عن ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>