للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إن المؤمن لا ينجس"، هو الذي أيضًا نهى المسلم أن يمكث في المسجد وهو جنمبٌ، فكَوْن المؤمن لا ينجس لا يلزم منه جواز مكثه في المسجد وهو جنب، أمَّا القياس على المشرك، فقياسٌ غير مُسلَّمٍ لسببين:

١ - أنَّ الرَّسُولَ -عَلَيه الصَّلاة والسَّلام- هو الَّذي نهى الجنب أن يمكث في المسجد، وقبل ذلك قول الله سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِى سَبيلٍ}، والرسول -عليه الصلاة والسلام- هُوَ الَّذي حبس بعض المشركين أو ربطهم في المسجد.

إذًا، الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- هُوَ الذي أمر هناك، ونهى هنا، إذًا هناك نهيٌ عن المكث في المسجد بالنسبة للجنب، وهناك ربطٌ لبعض المشركين وحبسٌ لهم في المسجد.

٢ - ثمَّ إن المشرك أو الكافر لا يرى حرمةً للمسجد بعكس المؤمن، فإنَّ المؤمن يرى حرمة المسجد، فلا ينبغي أن يدخله وهو جنبٌ.

قوله: (اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي دُخُولِ المَسْجِدِ لِلْجُنُبِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: فَقَوْمٌ مَنَعُوا ذَلِكَ بِإِطْلَاقٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ).

حقيقة قوله: "بِإِطْلَاقٍ"، هَذَا غير مُسلَّمٍ، فالذي أعرفه أن مذهب

المالكية كمذهبي الشافعية والحنابلة (١)، فهم جميعٌ يتَّفقون في منع المكث، ويجيزون العبور إلا أن الحنابلة يختلفون في قضايا ينفردون بها؛ كتقييد العبور بالحاجة، وإجازة المكث إذا توضأ الجنب.

قوله: (تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {يايُّهَا ألَّذِين ءَامَنُواْ لَا تَقرَبُراْ اَلصَّلَاوةَ وَأَنتُوْ سُكَارَى} الآيَةَ [النساء: ٤٣]، بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الآيَةِ مَجَازٌ حَتَّى يَكُونَ هُنَالِكَ مَحْذُوفٌ مُقَدَّرٌ).

الحقيقة هذا التصور الذي ذَكَره المؤلف ما ظهر لي، وإنما هذا الذي


(١) سبق النقل عن المذاهب الثلاثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>