للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر هو بين الجمهور وبين الحنفية، أما أهل الظاهر فأدلتهم ذكرناها واضحةً ومن معهم.

قوله: (بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الَايَةِ مَجَازٌ حَتَّى يَكُونَ هُنَالِكَ مَحْذُوفٌ مُقَدَّرٌ)، المَجازُ من القَضَايا التي تكلَّم فيها العلماء كثيرًا، إثباتًا ونفيًا، وَهُوَ من الأمور التي يبحثها الأصوليُّون (١)، وَفيما يتعلَّق بالغائط تكلموا عنه، وقالوا: هو في الأصل المكان المطمئن من الأرض، ثم بعد ذلك لقرب العذرة التي تخرج سمَّوه به، فسُمِّي المكان بالغائط، وكذلك مثله الفناء، وهناك أشياء كثيرة، ويستدلون بأَمْثِلَةٍ في القرآن متعدِّدة، لكن الصَّحيح في ذَلكَ أن القولَ بأن القرآن فيه مجازٌ، قولٌ يحتاج إلى دَلِيلٍ، ولا دليلَ عليه، ولذلك سلَك بعض العلماء مسلكًا آخر، وردُّوا على هؤلاء، وقالوا: إنَّ ما في القرآن ليس مجازًا، وإنما هو إيجاز، ويسمِّيه بعضهم إيجازًا بالحذف، {وَسْئَلِ اَلْقَرْيَةَ آلَّتى كُنَّا فِيهَا} [يوسف: ٨٢]، يعني: أهل القرية {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: ٧٩]، يعني: كل سفينةٍ صالحة وهكذا. إذًا هؤلاء قيَّدوه، وهناك كلام كثيرٌ معروفٌ للعلماء، وهُنَاك أيضًا خلافٌ فيمَا يتعلَّق بالمجاز في اللغة (٢).


(١) ذَهَب جمهور العلماء إلى أن المَجَازَ واقعٌ في القرآن الكريم، وممَّن قال بهذا: أبو يعلى الحنبلي، والشيرازي والبزدوي والغزالي وابن قدامة والقرافي وابن الحاجب وغيرهم من الأصوليين، وبه قال عامة علماء العربية والتفسير كابن قتيبة وابن رشيق والزركشي والسيوطي. انظر: "المحصول" للرازي (١/ ٣٢١) "العدة في أصول الفقه" للقاضي أبي يعلى (٢/ ٦٩٥)، و "اللمع في أصل الفقه" للشيرازي (ص ٧)، و "المستصفى" للغزالي (ص ٨٤) و "روضة الناظر" لابن قدامة (١/ ٢٠٦).
ونقل عن الإمام أحمد ما يؤيد القول بوقوع المجاز في القرآن حيث يقول: "أما قوله: " (أنا معكم)، فهذا في مجاز اللغة، يقول الرجل للرجل: إنا سنجري عليك رزقك، إنا سنفعل بك كذا". انظر "الرد على الجهمية والزنادقة" للإمام أحمد (ص ٩٢).
(٢) يُنظر: "منع جواز المجاز" للشنقيطي (ص ٢٦، ٢٧) حيث قال: "فإن قيل: ما تقول أيها النافي للمجاز في القرآن في قوله تعالى: {جِدَارًا يُرِيد أَن ينقَصَّ}، وقوله:=

<<  <  ج: ص:  >  >>