للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة والسلام، وقد رأينا من العلماء من يستحب ألا تصل الوصية إلى الثلث، بل ينبغي أن تكون دون ذلك، فقد أوصى أبو بكر بالخمس، وقال: "أختار ما اختار الله سبحانه وتعالى لنفسه: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} (١).

* قَوْله: (فَقَالَ مَالِكٌ (٢): الوَرَثَةُ مُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُعْطُوهُ ذَلِكَ الَّذِي عَيّنهُ المُوصِي أَوْ يُعْطُوهُ الثُّلُثَ مِنْ جَمِيعِ مَالِ المَيِّتِ).

أَيْ: هذا القدر الذي أوْصَى به وحدَّده يسلمه له الورثة، وبعد ذلك يصبح المال لهم، وهذَا هو الرأي الأول.

أما الرأي الثاني عند الإمام مالك: أنهم يجعلونه شريكًا معهم، وبعد ذلك يُقوَّم المال، ويأخذُ الثلثَ، وقد خالفه في ذلك الأئمة الثلاثة وغيرهم، وقالوا: لَا خيارَ في هذا المقام، ولا رأي للورثة؛ لأنه حدَّد، ولا ينبغي أن يرجع إلى ذلك، وهذه المسألة تُسمَّى عند المالكية مسألة خلع الثلث (٣).


(١) تقدم تخريجه.
(٢) يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٦/ ٣٨٤) قال: "وإن أوصى بمنفعة معين إلى قولُهُ ثلث الجميع "، ش: أخذ المؤلف رحمه الله يتكلم على بعض مسائل من خلع الثلث، فذكر ثلاث مسائل، الأولى: إذا أوصى بمنفعة معين، كما لو أوصى بخدمة عبد أو سكنى دار، فإن الحكم في ذلك أن ينظر إلى ذلك المعين الموصى بمنفعته، فإن حمله الثلث نفذت الوصية، وإن كان الثلث لا يحمل قيمة ذلك المعين الموصى بمنفعته، فإنه يخير الورثة بين أن يجيزوا ما أوصى به الميت أو يخلع ثلث جميع ما ترك الميت من ذلك المعين وغيره … واحترز بقوله: "منفعة" مما إذا أوصى له بمعين كعبد أو دابة أو دار إن لم يحمله الثلث.
قال في "المدونة": فإن قول مالك اختلف في هذه المسألة، فقال مرة مثل ما تقدم، وقال مرة: يخيرون بين الإجازة وبين أن يقطعوا له بمبلغ ثلث جميع التركة في ذلك الشيء بعينه، قال: وهذا أحب إليَّ. انتهى. قال ابن عبد السلام: وهذا هو المشهور أعني: التفرقة بين الوصية بالمنافع وبالمعين، والله أعلم. وانظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير و"حاشية الدسوقي" (٤/ ٤٤٥، ٤٤٦).
(٣) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٢٨٠) قال: قال مالك في الذي يوصي في ثلثه=

<<  <  ج: ص:  >  >>