للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَالِكٌ شَبَّهَهَا بِالهِبَةِ (١)).

وهذه المسألةُ حقيقةً تحتاج إلى تفصيل، والمؤلف أجمل في هذه المواضع، فالموصَى له لا يخلو إما أن يكون معينًا أو غير معينٍ، أي: منحصرًا أو غير منحصرٍ، فلو أوصى لرجلٍ أو لرجلين أو عشرة وسماهم، فجمهور العلماء يَشْتَرطون القبول، أما إذا كان لا ينحصر كأن يوصي لقبيلة حرب أو تميم أو قريش أو غير ذلك من القبائل، أو يوصي على فعل عملٍ من أعمال البر بناء المساجد وشق الطرقات، وكذلك أيضًا حفر الآبار وبناء المستشفيات والمدارس وغير ذلك، فإن هذا حقيقة لا يحصل بالتعيين، فلا يحتاج إلى قبول، وإنما يصبح واجبًا متعينًا لازمًا بعد الموت، لكن لو تبرع لجمعية من الجمعيات أو لمؤسسة من المؤسسات وكان عليها قيد، فحينئذ يقال بحصول القبول، فإن كانت الوصية لمعين، فيشترط فيها عند جمهور العلماء أن يحصل القبول من الموصى عليه، لكن هناك وجه عند الحنابلة (٢) وأيضًا قول عند


= الزركشي الاكتفاء بالفعل وهو الأخذ كالهدية قال: ومحل اشتراط القبول من المعين في غير العتق، فلو قال: أعتقوا عبدي بعد موتي لم يفتقر إلى قبول العبد؛ لأن فيه حقّا لله تعالى، فكان كالجهة العامة، ومثله التدبير، وإذا قلنا: إنه وصية، أي: على رأي، فإنه يتنجز بالموت من غير توقف على قبول كما قاله الرافعي في الكلام على رهن المدبر. نعم لو قال: أوصيت له برقبته ففي افتقار القبول وجهان أصحهما نعم؛ لاقتضاء الصيغة القبول .. ذكره الرافعي قبيل المسائل الحسابية.
(١) يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (٦/ ٣٦٦ - ١٦٧): "وقبول المعين شرط بعد الموت فالملك له بالموت "، ش: هذه نحو عبارة ابن الحاجب، قال في "التوضيح" في شرحها: أي: وقبول الموصى له المعين للوصية شرط في وجوبها له؛ لأنها أحد أنواع العطايا فاشترط فيها القبول كالهبة، وغيرها. انتهى.
(٢) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٤٥٩) قال: "وما وصى به لغير محصور كفقراء أو غزاة وبني هاشم" "أو" وصى به لـ "مسجد ونحوه" كثغر ورباط وحج "لم يشترط قبوله" لتعذره فتلزم الوصية بمجرد الموت "وإلا" تكن الوصية كذلك، بل لآدمي معين ولو عددًا يمكن حصره "اشترط" قبوله؛ لأنها تمليكٌ له كالهبة، ولا يتعين القبول باللفظ، بل يجزي ما قام مقامه كأخذ وما دل على الرضا. وانظر: "المغني" لابن قدامة (٦/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>