للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأهلًا لتولي القضاء، فهو ذاك، فلم يكن العَمى في وَقْتٍ من الأوقات حائلًا دون أن يتولَّى الإنسان القضاء.

* قَوْله: (وَمِنْ شَرْطِ القَضَاءِ عِنْدَ مَالِكٍ (١) أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا. وَالشَّافِعِيُّ (٢) يُجِيزُ أَنْ يَكُونَ فِي المِصْرِ قَاضِيَان اثْنَان إِذَا رُسِمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَحْكُمُ فِيهِ، وَإِنْ شُرِطَ اتِّفَاقُهُمَا فِي كُلِّ حُكْمٍ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ شُرِطَ الِاسْتِقْلَالُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَوَجْهَان: الجَوَازُ وَالمَنْعُ).

يشير المؤلف إلى مسألة تَعدُّد القضاة، فهل يجوز أن يتعدد القضاة في بلدٍ واحدٍ، وليس من هذا الباب أن يتخذ الإمام قضاةً في أمصار متعددة، فيُرْسل إلى كل بلدٍ قاضيًا، وهذا حصل في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي زمن الخلفاء الراشدين.

أما تعدُّد القضاة في المصر الواحد، فَمنَعه مالكٌ.

وأجَاز الشافعي (٣)، وأحمد (٤) أن يكون فى المصر قاضيان اثنان إذا رسم لكلِّ واحدٍ منهما ما يحكم فيه.


(١) يُنظر: " عقد الجواهر الثمينة " لابن شاس (٣/ ١٢٦) حيث قال: " لو نصب في بلدة قاضيان، كل واحد يختص بطرف جاز، وكذلك لو أثبت الاستقلال لكل واحد منهما، فمن شرط اتفاقهما في كل حكم لم يصح ".
(٢) يُنظر: " الحاوي الكبير " للماوردي (١٦/ ١٤) حيث قال: " إذا قلد الإمام قاضيين في بلد لينظر كل واحدٍ منهما بين جميع أهله، ففي جوازه لأصحابنا وَجْهَان، أحدهما: لا يجوز … والثاني: وهو قول الأكثرين أنه يجوز ".
(٣) تقدم.
(٤) يُنظر: " الكافي " لابن قدامة (٤/ ٢٢١) حيث قال: " ويَجُوز أن يولي في البلد الواحد قاضيين فأكثر على أن يحكم كل واحد منهما في موضع، وأن يجعل إلى أحدهما القضاء في حق، وإلى الآخر في حق آخر، أو إلى أحدهما في زمن، وإلى الآخر في زمن آخر؛ لأنه نيابة عن الإمام، فكان على حسب الاستنابة، وهل يجوز أن يجعل إليهما القضاء في مكانٍ واحدٍ، وزمنٍ واحدٍ، وحقٌّ واحدٍ؟ فيه وجهان، أحدهما: يجوز لأنه نيابة، فجاز جعلها إلى اثنين كالوكالة. والثاني: لا يجوز، فقد يختلفان فتقف الحكومة ".

<<  <  ج: ص:  >  >>