للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَقَوْلٌ: إِنَّهُمَا فَرْضٌ فِيهِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِى لَيْلَى (١)، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ دَاوُدَ) (٢).

وَمنهم: مَنْ يوجب المضمضة والاستنشاق (٣).

وبَسْتدلُّون بأَدلَّةٍ: يَقُولُونَ: إنَّ الله تَعَالَى قال: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}؛ والوجه في اللغة مأخوذٌ من المواجهة، والمضمضة محلها الفم، وهو في وَجْهه، والاستنشاق محلُّه الأنف، وهو في الوجه.

وهناك خلافٌ بين العُلَماء في أمر المواجهة، فالجمهورُ يَقُولون: لم تحصل مواجهة؛ لأن الفم والأنف عضوان داخلان فيما يتعلق بغسلهما؛ لأن الذي يمضمض ويغسل إنما هو داخل الفم وداخل الأنف، وهذان لا تحصل بهما المواجهة، ويستدلُّون بقوله عليه الصلاة والسلام: " إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً، ثُمَّ لْيَنْثُرْ " (٤).

" فَلْيَجْعَلْ "، هذا أمرٌ، والفعل المضارع حينما تقترن به لام الأمر يكون أحد صور الأمر، فقالوا: هذا أمرٌ، والله تعالى يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧]، والرسول - عليه الصلاة والسلام - طبَّق المضمضة والاستنشاق فعلًا.

واعتُرِضَ على هذا الاستدلال بأنَّ الاستنثار ليس واجبًا.


(١) يُنظر: " الاستذكار " لابْن عَبْد البَر (١/ ١٢٣)؛ حيث قال: " وقال ابن أبي ليلى وحماد بن أبي سُلَيمان: هما فرضٌ في الغسل والوضوء جميعًا ".
(٢) يُنظر: " الاستذكار " لابن عبد البَر (١/ ١٢٤)؛ حيث قال: " وكذلك اختلف أصحاب دواد، فمنهم مَنْ قال: هما فرضٌ في الغسل والوضوء جميعًا، ومنهم مَنْ قال: إنَّ المضمضةَ سُنَّة، والاستنشاق فرض ".
(٣) وهو مذهب الحنابلة، يُنظر: " شرح منتهى الإرادات " للبهوتي (١/ ٥٥)؛ حيث قال: " (ويصح أن يسميا)، أَيْ: المضمضة والاستنشاق (فرضين)، إِذِ الفرض والواجب واحد، وهما واجبان في الوضوء والغسل ".
(٤) أخرجه مسلم (٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>