للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخيه، أو يسوم على سومه، وعن تلقي الركبان (١)، وعن بيع النجش (٢)، وغير ذلك من المسائل الكثيرة التي مرت بنا، ورأينا أنه في بيع النجش وفي تلقي الركبان، وفي مسائل أخرى يؤخذ بخيار الغبن، فلو أنَّ إنسانًا تلقى جالبًا، فغابنه فله الخيار، وهكذا.

أمَّا الخيار الذي معنا، فهو ما يُعْرف بخيار المجلس، وهذا لم يخالف فيه الحنفية، وكذلك المالكية، بل انضموا إلى جمهور العلماء، لكنكم سترون أن الخلاف بين العلماء إنما يقف عند المدة، والذي خَالَفوا في ثبوت خيار الشرط هم قلةٌ، وعليه فقول المؤلف: (كتَاب بيع الخيار)، أي: الكتاب الذي يُذْكر فيه خيار الشرط، أيْ: بيع خيار الشرط، والمؤلف كعادته يقدم بمقدمة موجزة يذكر فيها ما يتضمنه المبحث الذي يتكلم عنه ليكون بمثابة كَشَّاف يحدد المسائل، ويضيء الطريق لمن يريد أن يدخل في تفاصيل هذه المباحث والمسائل.

قوله: (وَالنَّظَرُ فِي أُصُولِ هَذَا البَاب)، وليس المراد عمومًا كتاب "بداية المجتهد"، وإنما مراده بالكتاب كَتاب بيع الخيار، فما هي أصول المؤلف؟ والمؤلف منذ أن بدأنا بيَّنَّا كثيرًا بأنه يُعْنى بأمهات المسائل، أيْ: بأصول المسائل، فلا يعرض كثيرًا للمسائل الجزئية، بل يأخذ بكُبْريات المسائل التي يعبر عنها بأمهاتها، فهو يريد أن يقول: هذا المبحث وهذا الكتاب فيه مسائلُ كثيرةٌ، لكننا سنقتصر على أمهاتها، أي: أهم المسائل، وإذا استطعت أن تضبط فقه أمهات المسائل، سَهُلَ عليك أن تلحق بها صغرياتها، أي: جزئياتها.

قوله: (أَمَّا أَوَّلًا فَهَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا؟)، فالمسألة الأولى: ما حكم بيع خيار الشرط، أو ما حكم خِيار الشرط، هل هو جائز أو لا؟ سيذكر المؤلف بعد قليل حكمه، لأنّ هناك مَنْ يخالف فيه، وإن كان


(١) قال ابن الأثير في "النهاية" (٤/ ٢٦٦): "هو أن يستقبل الحضري البدوي قبل وصوله إلى البلد، ويخبره بكساد ما معه كذبًا؛ ليشتري منه سلعته بالوكس، وأقل من ثمن المثل".
(٢) قال ابن الأثير في "النهاية" (٥/ ٢١): "النجش في البيع هو أن يمدح السلعة لينفقها ويروجها، أو يزيد في ثمنها وهو لا يريد شراءها، ليقع غيره فيها، والأصل فيه: تنفير الوحش من مكان إلى مكان".

<<  <  ج: ص:  >  >>