النوع الأول: أرض صُلْحِ، والمراد بها هي تلك الأرض التي صالَحَ المسلمون أهلَها عليها.
وحُكمُها: أنها تظل في يد أهلِها وفي مِلكِهم، بينما يُضرَب عليها الخراج، ويرتفع حُكْمُ هذا الخراجِ بحيث لا يؤديه أهلُها للمسلمين في حالة لو أنهم دخلوا في الإسلام، فحينئذٍ يكون بإمكان هذا الداخل إلى الإسلام أن يتصرف في هذه الأرض بكل أنواع التصرُّف من بيعٍ أو إجارةٍ أو وقفٍ أو هبةٍ.
و"الخراج"(١): هو شيءٌ يُؤخَذُ من أهل هذه الأرض؛ لِيُنفَقَ في مَصالح المسلمين وشؤونهم، بما يعني أنه يكون بمثابة الجزية وبمنزلتها.
وهذا النوع هو الذي لم يَعرِض له المؤلِّف رَحِمَهُ الله، ولكن عادة الفقهاء وأهل العلم جاريةٌ في هذه المسألة بتناوُل القسمين بالذِّكْرِ.
النوع الثاني: أرض عَنوةٍ، والمراد بها هي تلك الأرض التي أَخَذَهَا المسلمون قَسْرًا وقوَّةً.
وهذا النوع من الأرض مُختَلَفٌ في حُكمِهِ بين أهل العلم على ثلاثة أقوالٍ، وهي:
القول الأول: أن أرض العَنوة إنما تصير فيئًا للمسلمين.
بمعنى: أن أَمْرَهَا يكون موكولًا إلى اجتهاد الإمام ونَظَرِهِ، فإن شاء قَسَّمَها بين المسلمين، وإن شاء صيَّرَها وقفًا يُنفَق منه على مصالح المسلمين، كالإنفاق على المجاهدين والقضاة، وإقامة الطرق، وشقِّ السدود والترع وتمهيد الأنهار، وبناء المدارس والمساجد، وإقامة
(١) "الخراج": شيء يخرجه القوم في السنة من مالهم بقدر معلوم. انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (٧/ ٢٦).