للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشروعات التي تَقْوَى بها دعائم الدولة، وغير ذلك من الأُمور التي تَصُبُّ في صالح الرعِيَّةِ.

وهذا إنما قد فَعَلَه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أرض خيبر، فحينما فَتَحَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته أرض خيبر إنما قَسَّمَها النبي قِسمَين، فَقَسَّمَ أحدَهُمَا على الغانمين، وصَيَّرَ القسم الآخرَ وقفًا على المسلمين ومصالحهم (١).

القول الثاني: أن أرض العَنوة إنما تصير وقفًا من أوقاف المسلمين بمجرد الاستيلاء عليها.

أي: أنها تُترَكُ في أيدي أهلها، بحيث يزرعونها ويقومون بسقيها ورعايتها - فيما يُعرَف في اصطلاح أهل الفقه بالمساقاة والمزارَعة - على أن يَدفَعُوا للمسلمين شَطرًا مما يَدخُل من هذه الأرض.

وقد ذَكَرنَا فيما سبق أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث عبد الله بن رواحة لخرص أهل الثمار، فكان - صلى الله عليه وسلم - يوصيه بالعدل وتحرِّي الدقة واجتناب الوقوع في الظلم، بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا خَرَصْتُمْ فَدَعُوا الثُّلُثَ فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبُعَ" (٢)، كما هو معلوئم في منهج الشريعة الإسلامية الذي يتسم دائمًا وأبدًا بالعدل والإنصاف والتسامُح.

وأصحاب هذا القول إنما يستدلُّون بفعل عمر والصحابة - رضي الله عنهم - لَمَّا فُتِحَت أرض الشام، وقَدِمَ الخليفة عمر - رضي الله عنه - إلى الجابية، وكان عازمًا على تقسيم الأرض، فحينئذٍ حَذَّرَهُ معاذٌ وعليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنهما - بخطورة ذلك، حيث قال معاذٌ - رضي الله عنه -: "وَاللَّهِ إِذًا لَيَكُونَنَّ مَا تَكْرَه، إِنَّكَ إِنْ قَسَمْتَهَا اليَوْمَ


(١) أخرجه البخاري (٢٣٣٤) عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: قال عمر - رضي الله عنه -: "لولا آخر المسلمين، ما فتحت قرية إلا قسمتها بين أهلها، كما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر".
(٢) أخرجه أبو داود (١٦٠٥)، عن عبد الرحمن بن مسعود، قال: جاء سهل بن أبي حثمة، إلى مجلسنا، قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا خرصتم، فجذوا، ودعوا الثلث، فإن لم تدعوا، أو تجذوا الثلث، فدعوا الربع"، قال أبو داود: "الخارص يدع الثلث للحرفة"، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود".

<<  <  ج: ص:  >  >>