للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالشريعة الإسلامية إنما قامت على اليسر وعلى رفع الحرج، ولو أن ذلك طبق على هذا الأمر لكان فيه عنتٌ ومشقةٌ وحرج على المسلم، فلو أنَّ إنسانًا تسرع في هذا الأمر وقال: أي امرأةٍ أتزوجها فهي طالقٌ، ثم قيل بإغلاق هذا الباب على أي امرأة أتزوجها فهي طالق، هل هذا يلتقى مع ما جاء في كتاب اللّه عز وجل من الحث على الزواج؟

اللّه - سبحانه وتعالى - يقول: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣]، واللّه - سبحانه وتعالى - جعل العلاقة بين الزوجين آية من آياته العظمة، قال شعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}، فهذا الزواج له فوائد عظيمةٌ، فبهذا الزواج تغض الأبصار وتحصن الفروج، ويولد الأولاد، وربما وجد من بين هؤلاء الأولاد من يوفقه اللّه - سبحانه وتعالى - لخدمة هذا الدين، والجهاد في سبيل اللّه - سبحانه وتعالى -، ورفع راية الإسلام، ولذلك بيَّن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنَّ ابن آدم إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاثٍ: صدقة جاريةٍ أو علم ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له (١)، فوجود الأولاد يرفعون ذكر الرجل ويظل نسبه محفوظًا، وهم أيضًا إن وفقهم اللّه - سبحانه وتعالى - وأصلحهم فإنهم سيكونون خيرًا له في هذه الحياة الدنيا وبعد الممات؛ لأن من الأبناء من يشفع، والأطفال الذين يموتون صغارا يشفعون بأهلهم (٢).


(١) أخرجه مسلم (١٦٣١) عن أبي هريرة، أن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثةٍ: إلا من صدقة جاريةٍ، أو علم ينتفع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له".
(٢) أخرج النسائي (١١٨) أن نبي اللّه - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس يجلس إليه نفرٌ من أصحابه، وفيهم رجلٌ له ابن صغير يأتيه من خلف ظهره، فيقعده بين يديه، فهلك فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة لذكر ابنه، فحزن عليه، ففقده النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما لي لا أرى فلانًا؟ " قالوا: يا رسول الله، بنيه الذي رأيته هلك، فلقيه النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن بنيه، فأخبره أنه هلك، فعزاه عليه، ثم قال: "يا فلان، أيما كان أحب إليك أن تمتع به عمرك، أو لا تأتي غدًا إلى باب من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك"، قال: يا نبي الله، بل يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها لي لهو أحب إلي، قال: "فذاك لك" وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (٢٠٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>