للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا فيه غاية الدلالة على حض الإسلام وترغيبه في العتق، فإذا وُجد مملوك بين اثنين، فأراد أحدهما أن يتقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- بذلك العمل، - وكما هو معروف - فهو مِن أجَلِّ القُرَب التي يتقرب المؤمن إلى الله تعالى، أن يعتق رقبة عبد مؤمن، فإن هذا مما حضت عليه الشَّريعة الإسلامية، وترون أن في الكفارات إعتاق رقبة، فإنه إذا أعتق نصيبه يسري إلى نصيب غيره.

فإن كان عند المُعتَق مالًا فإنه يدفع لشريكه نصيبه ويعتقه، فإذا لم يكن عنده ما يكفي لنصيب شريكه؛ حينئذٍ يعطى المملوك الفرصة بأن يستسعى ذلك الاستسعاء (١)، بأن يشري نفسه على أقساط، وهذا ترغيب آخر في ذلك، وما أفضل أن يكون الشريك الآخر يندفع فيعتق ذلك القسط.

• قوله: (وَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يُلْزِمْهُ الْمِثْلَ وَأَلْزَمَهُ الْقِيمَةَ).

هو أعتق نصيبة وبقي نصيب الآخر، فما طلب عنه بأن يأتي برقبة أخرى أو مماثلة، ولكن أن يدفع لشريكه القيمة حتى يصبح هذا المملوك حُرًّا حريةً مُطْلقة، هذا هو المراد.

• قوله: (وَعُمْدَةُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ).

أبو حنيفة، والشافعي، ومن معهم.

• قوله: (قَوْله تَعَالَى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥]؛ وَلأَنَّ مَنْفَعَةَ الشَّيءِ قَدْ تكُونُ هِيَ الْمَقْصُودَةَ عِنْدَ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ).

إذا رأيتم الفريق الأوَّل استدل بقصة المملوك، وأنَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بدفع القيمة، وفي الحديث الآخر: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}.


(١) و"الاستسعاء": مأخوذ من السعي وهو العمل كأنه يؤاجر أو يخارج على ضريبة معلومة ويصرف ذلك في قيمته. انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" لأبي منصور الهروي (ص ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>