للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو الانتقال إلى الدية، ولا يلزم انتظار بلوغ الصغار، وإليه ذهب الحنفية والمالكية.

واستدل أصحاب هذا القول بفعل الصحابة؛ حيث إن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- قتل ابن ملجم قاتل علي، وكان له ورثة صغارًا، فقتله ولم ينتظر بلوغهم (١).

وأجاب أصحاب القول الأول: بأن قتل ابن ملجم إنما كان لإلحاده وبغيه وإفساده فى الأرض، ولأنه كان خارجيًّا سالًّا للسيف على الأمة.

مع اتفاقهم على انتظار الغائب (٢) من أولياء القتيل، وألا يتم القصاص أو العفو إلا بعد حضوره.

- قوله: (قَالَ القَاضِي: وَقَدْ كَانَتْ وَقَعَتْ هَذِهِ المَسْأَلَةُ بِقُرْطُبَةَ حَيَاةَ جَدِّي رَحِمَهُ اللهُ، فَأَفْتَى أَهْلُ زَمَانِهِ بِالرِّوَايَةِ المَشْهُورَةِ؛ وَهُوَ أَنْ لَا يُنْتَظَرَ الصَّغِيرُ، فَأَفْتَى هُوَ رَحِمَهُ اللهُ بِانْتِظَارِهِ عَلَى القِيَاسِ، فَشَنَّعَ أَهْلُ زَمَانِهِ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ لِمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ شِدَّةِ التَّقْلِيدِ حَتَّى اضْطُرَّ أَنْ يَضَعَ فِي ذَلِكَ قَوْلًا يَنْتَصِرُ فِيهِ لِهَذَا المَذْهَبِ، وَهُوَ مَوْجُود بِأَيْدِي النَّاسِ).

قوله: "قال القاضي" يقصد نفسه كما سبق التنبيه على ذلك مرارًا.


(١) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ١٠٣)، وابن أبي شيبة (٩/ ٣٦٨).
(٢) النقل عن الحنفية والحنابلة في مسألة حكم انتظار بلوغ الصبي تضمن أنه يُنتظر الغائب، وهو أيضًا مذهب المالكية. يُنظر: "الذخيرة" للقرافي (١٢/ ٣٠٢)، حيث قال: "ولا يقتل الولي الحاضر حتى يقدم الغائب، بخلاف الكبير مع الصغير"، بشرط ألا تبعد الغيبة جدًّا. يُنظر: "حاشية الدسوقي" (٤/ ٢٥٧)، حيث قال: "وظاهر "المدونة" عند ابن رشد وأبي عمران: أن الغائب ينتظر، وإن بعدت غيبته"، وقال سحنون: "ينتظر الغائب إلا أن يبعد جدًّا، أو ييأس منه كالأسير ونحوه".
وهو مذهب الحنابلة أيضًا. يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٥/ ٥٣٥)، حيث قال: " (وإن كان بعضهم) أي: الورثة (غائبًا انتظر قدومه وجوبًا) ".

<<  <  ج: ص:  >  >>