مُسْلِمٍ وَإِنَّمَا فِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ «إلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ» وَعَبْدُ الْغَنِيِّ كَانَ حَافِظًا يَذْكُرُ الْمُتُونَ مِنْ حِفْظِهِ فَوَقَعَ لَهُ كَثِيرٌ مِنْ هَذَا النَّوْعِ، وَذَلِكَ مِمَّا يُنْتَقَدُ عَلَيْهِ وَالْحَامِلُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ بِأَكْثَرِ أَلْفَاظِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا انْفَرَدَ الْبُخَارِيُّ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ الْوَاحِدَةِ وَهِيَ أَشْهُرُ فَجَرَتْ عَلَى لِسَانِ عَبْدِ الْغَنِيِّ وَلَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ تَحْرِيرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُصَنَّفٌ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ وَمَقْصُودُهُ مِنْهُ حَاصِلٌ بِغَيْرِهَا. فَهَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ مُسْلِمٍ وَاسْتَدْلَلْنَا بِهِ أَصْرَحُ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الدَّالَّةِ عَلَى شُمُولِ الرِّسَالَةِ لِلْجِنِّ وَالْإِنْسِ.
وَرَوَى وَثِيمَةُ بْنُ مُوسَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أُرْسِلْت إلَى الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَإِلَى كُلِّ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ دُونَ الْأَنْبِيَاءِ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَطَهُورًا» وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ فِي خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهِ بَعْضُ طُولٍ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْرَحُ مِنْ حَدِيثِ مُسْلِمٍ لَكِنَّهُ لَيْسَ فِي الصِّحَّةِ مِثْلَهُ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُعْطِيت خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي كَانَ كُلُّ نَبِيٍّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْت إلَى كُلِّ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ طَيِّبَةً طَهُورًا وَمَسْجِدًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ صَلَّى حَيْثُ كَانَ وَنُصِرْت بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَأُعْطِيت الشَّفَاعَةَ» وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْغَرِيبِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ " أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ " فَقِيلَ: الْعَجَمُ وَالْعَرَبُ، وَقِيلَ: الْجِنُّ وَالْإِنْسُ فَعَلَى هَذَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْمَقْصُودِ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إلَى سُوقِ عِكَاظٍ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الشُّهُبُ قَالُوا: مَا ذَاكَ إلَّا مِنْ شَيْءٍ حَدَثَ فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَانْطَلَقُوا يَضْرِبُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَمَرَّ النَّفَرُ الَّذِينَ أَخَذُوا نَحْوَ تِهَامَةَ وَهُوَ بِجَبَلٍ عَامِدِينَ إلَى سُوقِ عِكَاظٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ وَقَالُوا: هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَرَجَعُوا إلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: إنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute