للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَسْأَلَةَ الْعُقُودِ. قُلْت: هَذَا وَقْتُ التَّثَبُّتِ فِي النَّقْلِ.

هُنَا مَسْأَلَتَانِ: (إحْدَاهُمَا) إذَا قَالَ رَجُلَانِ لِصَاحِبِ الْمَتَاعِ: أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ، وَعَلَيْنَا ضَمَانُهُ، وَأَنْتُمْ لَمْ تَنْقُلُوهَا، وَقِيَاسُهُ أَنْ لَا يَلْزَمَ كُلًّا مِنْهُمَا إلَّا الْقِسْطُ، وَأَنَّهُمَا لَوْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَالُ الضَّمَانِ لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ كَسَائِرِ الْعُقُودِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ الْحَقِيقِيِّ فَإِنَّهُ عَلَى حَسَبِ مَا شَرَطَاهُ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ مُجَرَّدٌ قَابِلٌ لِهَذَا، وَلِهَذَا.

(الثَّانِيَةُ) : وَهِيَ الَّتِي نَقَلْتُمُوهَا إذَا قَالَ: أَنَا، وَهُمْ ضَامِنُونَ كُلٌّ مِنَّا عَلَى الْكَمَالِ، فَهُنَا يَلْزَمُهُ كَمَالُ الضَّمَانِ بِقَوْلِهِ، وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ: فَإِنَّ انْفِرَادَهُ بِالضَّمَانِ صَحِيحٌ، وَقَدْ صَدَرَ مِنْهُ، وَضَمَانُهُ عَنْ غَيْرِهِ لَا يَصِحُّ، فَإِنْ قُلْت: قَدْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّ قَوْلَهُ هُمْ ضَامِنُونَ إمَّا لِلْجَمِيعِ، أَوْ لِلْحِصَّةِ إنْ قَصَدَ بِهِ الْإِخْبَارَ عَنْ ضَمَانٍ سَبَقَ مِنْهُ، وَاعْتَرَفُوا بِهِ تَوَجَّهْت الطُّلْبَةُ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ إذَا شَرَطُوا الْكَمَالَ صَحَّ.

قُلْت: الَّذِي أَقُولُهُ، وَلَا أَتَرَدَّدُ فِيهِ، وَيَجِبُ حَمْلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ عَلَى بَعْضِهِ أَنَّهُمَا إذَا قَالَا: أَلْقِ، وَعَلَيْنَا ضَمَانُهُ، وَجَبَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ اسْتِقْلَالًا، وَالنِّصْفُ بِطَرِيقِ الضَّمَانِ الْحَقِيقِيِّ عَنْ صَاحِبِهِ إذَا صَحَّحْنَا ضَمَانَ مَا لَمْ يَجِبْ، وَمِثْلُهُ فِي الثَّمَنِ إذَا شَرَطَ لُزُومَهُ لَهُمَا يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ اسْتِقْلَالًا، وَنِصْفُهُ ضَمَانًا، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: أَلْقِ مَتَاعَك، وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ، وَقَالَهُ آخَرُ عَلَى الْفَوْرِ قَبْلَ الْإِلْقَاءِ، فَإِنْ قَصَدَ الْمُلْقِي جَوَابَهُمَا كَانَ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ قَصَدَ جَوَابَ الْأَوَّلِ لَزِمَهُ، وَلَمْ يَلْزَمْ الثَّانِيَ، وَإِنْ قَصَدَ جَوَابَ الثَّانِي لَزِمَهُ، وَلَمْ يَلْزَمْ الْأَوَّلُ، وَيَأْتِي فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ أَيْضًا.

هَذَا مَا تَيَسَّرَ ذِكْرُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. فَإِنْ قُلْت: هَلْ أَنْتَ جَازِمٌ بِنَفْيِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، أَوْ مُجَوِّزُهُ أَعْنِي مَسْأَلَةَ إذَا قَالَا: ضَمِنَّا مَالَك مِنْ الدَّيْنِ عَلَى فُلَانٍ. قُلْت: أُجَوِّزُهُ عَلَى ضَعْفٍ لَمَّا تُقَدَّمُ الْبَيِّنَةُ، وَلَكِنَّ الصَّوَابَ هَذَا. فَإِنْ قُلْت: هَلْ يَجُوزُ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَالَا: رَهَنَّا عَبْدَنَا بِالدَّيْنِ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ، وَهُوَ أَلْفٌ، أَوْ تَقْطَعُ بِهِ كَمَا قَطَعَ بِهِ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ؟

قُلْت: بَلْ أَقْطَعُ بِهِ كَمَا قَطَعَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الضَّمَانِ عَلَى الْوَجْهِ الضَّعِيفِ أَنَّ الرَّهْنَ مَوْضُوعُهُ فِي الشَّرْعِ عَلَى ذَلِكَ فَعِنْدَ إطْلَاقِهِمَا يَنْزِلُ عَلَى الْمَوْضُوعِ الشَّرْعِيِّ، وَأَنَّهُمَا جَعَلَا لَهُ حُكْمَ الرَّهْنِ الْوَاحِدِ لِاتِّحَادِ الْعَيْنِ، وَفِي الضَّمَانِ الذِّمَّةُ مُتَعَدِّدَةٌ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يَقْتَضِي الِاتِّحَادَ فَنَظَرْنَا إلَى تَعَدُّدِ الضَّامِنِ، فَإِنْ قُلْت: لَوْ قَالَ: وَضَمِنَّا الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ هَلْ يَكُونُ كَضَمَانِ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ هُنَا لِلْعَهْدِ لَا لِلْعُمُومِ، وَالْمَعْهُودُ عَدَدٌ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ، وَيَكُونُ الصَّحِيحُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَمَانٌ لِلْجَمِيعِ.

فَإِنْ قُلْت إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِالتَّقْسِيطِ تَعَذَّرَ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي إنَّمَا يُنْقَضُ إذَا خَالَفَ الْإِجْمَاعَ، أَوْ النَّصَّ، أَوْ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ. قُلْت: الْحَاكِمُ إمَّا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>