للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَزَالَتْ الْأَشْجَارُ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ مِنْ أُصُولِهَا أَشْجَارٌ ثُمَّ أَشْجَارٌ عَلَى مَمَرِّ الْأَزْمَانِ،، وَأَمَّا الْأَرْضُ فَإِنَّهَا تُرْدَمُ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَتُكْسَى طِينًا جَدِيدًا مِنْ غَيْرِ الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْأَشْجَارُ الْمُسْتَجَدَّةُ فَهَلْ يَنْسَحِبُ حُكْمُ الْوَقْفِ عَلَى الْأَرْضِ وَالْأَشْجَارِ الْمُسْتَجَدَّيْنِ؟ وَإِذَا قُلْنَا لَا يَنْسَحِبُ فَهَلْ نُلْحِقُهُ بِبَيْعِ الْأَرْضِ الْمُسْتَجَدَّةِ وَالْأَشْجَارِ الْمُسْتَجَدَّةِ؟ ، وَإِذَا جَازَ فَمَا حُكْمُ الْأَرْضِ الْمُنْتَقِلَةِ الْمَوْجُودَةِ حَالَ الْوَقْفِ أَيْضًا.

(أَجَابَ) : الْمَوْزُ حُكْمُهُ حُكْمُ الشَّجَرِ عَلَى الْأَصَحِّ لَا حُكْمُ الزَّرْعِ فَالْأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ جِذْرِ الْمَوْزِ وَفِرَاخِهِ وَقْفٌ، مَا ثَبَتَ مِنْ الْجِذْرِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْفِرَاخِ يَنْسَحِبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْوَقْفِ كَالْأَغْصَانِ النَّابِتَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ الْمَوْقُوفَةِ وَهَكَذَا عَلَى مَمَرِّ الْأَزْمَانِ كُلَّمَا نَبَتَ فَرْخٌ انْسَحَبَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْوَقْفِ وَهَكَذَا لَوْ مَاتَ بِالْكُلِّيَّةِ وَزَرَعَ مَكَانَهُ غَيْرَهُ عَلَى أَنَّهُ لِلْوَقْفِ صَارَ وَقْفًا، فَإِنْ زَرَعَ لِغَيْرِ الْوَقْفِ لَمْ يَجُزْ وَوَجَبَ قَلْعُهُ، وَأَمَّا الْأَرْضُ وَرَدْمُهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ وَكَوْنُهَا تُكْسَى طِينًا جَدِيدًا فَكُلُّ ذَلِكَ يَصِيرُ وَقْفًا وَيَنْسَحِبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُ لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ فَهُوَ كَعِمَارَةِ الْجُدْرَانِ الْمَوْقُوفَةِ وَتَرْمِيمِهَا وَكُلُّ ذَلِكَ يَصِيرُ وَقْفًا إذَا عُمِلَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ وَقْفٍ بِخِلَافِ مَا إذَا قُتِلَ الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ وَاشْتَرَى بِقِيمَتِهِ عَبْدًا آخَرَ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ وَقْفٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَوْقُوفَ قَدْ فَاتَ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْأَرْضُ الْمَوْقُوفَةُ هُنَا بَاقِيَةٌ وَالطِّينُ الْمَطْرُوحُ فِيهَا كَالْوَصْفِ التَّابِعِ لَهَا وَكَذَا تَرْمِيمُ الْجُدْرَانِ وَنَحْوِهَا. وَقَدْ بَانَ بِهَذَا أَنَّ الشَّجَرَ وَالْأَرْضَ كِلَاهُمَا يَنْسَحِبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْوَقْفِ وَلَا يَضُرُّهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُسْتَفْتِي، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الَّذِي أَتَى بِالطِّينِ الْمُسْتَجَدِّ أَتَى بِهِ لِنَفْسِهِ لَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَهُوَ عُدْوَانٌ وَيَجِبُ رَدُّهُ إلَيْهِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَأَمَّا الْأَرْضُ السُّفْلَى فَهِيَ وَقْفٌ بِحَالِهَا وَهِيَ الْأَصْلُ وَمَا عَدَاهَا تَبَعٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ مِنْ أَبْيَارَ)

وَصَّى جَلَالٌ أَنْ يُشْتَرَى مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ عَقَارٌ وَيُوقَفَ عَلَى أَخِيهِ حُسَيْنٍ ثُمَّ عَلَى وَلَدَيْهِ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ الذُّكُورِ ثُمَّ عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَمَاتَ حُسَيْنٌ ثُمَّ مَاتَ جَلَالٌ الْمُوصِي وَوَرِثَهُ أُخْتُهُ وَمُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَلَدَا أَخِيهِ الْمَذْكُورَانِ فَهَلْ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ فِي حَقِّهِمْ وَحَقِّ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ فُقَرَاءِ الْأَهْلِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ لَا؟

وَكَتَبَ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْقَمَّاحِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ هُنَا ثَلَاثَةَ أُمُورٍ:

(أَحَدُهَا) : الْوَصِيَّةُ لِأَخِيهِ حُسَيْنٍ وَلَا نَقُولُ: إنَّهَا بَطَلَتْ بِمَوْتِهِ.

(الثَّانِي) : لِوَلَدَيْهِ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ فَهَلْ بِمَوْتِ أَبِيهِمَا تَبْطُلُ أَيْضًا فِي حَقِّهِمَا؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا ثَبَتَ لَهُمَا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لِأَبِيهِمَا وَقَدْ بَطَلَ الْأَصْلُ فَيَبْطُلُ التَّابِعُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>