للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْأُمِّ وَقَدْ قَالَ الْوَاقِفُ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ مِنْهُمْ وَمِنْهُمْ تَقْتَضِي التَّبْعِيضَ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَعُمَّ الْجَمِيعَ وَيَصِيرُ هَذَا كَمَا لَوْ قَالَ أَعْطُوهُ هَذَا الْأَقْرَبَ إلَيَّ مِنْ إخْوَتِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ وَكَانَ لَهُ أَخٌ شَقِيقٌ وَأَخَوَانِ مِنْ أُمٍّ فَلَا يَقُولُ أَحَدٌ هُنَا إنَّ أَخَوَيْ الْأُمِّ يُعْطَيَانِ وَلَا يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ الْخِلَافُ قَطْعًا وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ التَّشْرِيكَ هُنَا مَقْطُوعٌ بِخَطَئِهِ.

فَإِنْ قُلْت فَقَدْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَشْتَرِكُ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَمِنْ الْأَبِ فِيمَا وَقَفَ عِنْدَ تَقْدِيمِ الشَّقِيقِ. قُلْت يَشْتَرِكُ مَعَهُ الْأَخُ مِنْ الْأَبِ وَلَا يَلْزَمُ تَشْرِيكُ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ أَلْفَاظَ الْوَاقِفِينَ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِلْفَرْقِ فَإِنَّ الْأَخَ لِلْأَبِ عَصَبَةٌ كَالشَّقِيقِ فَعَلَى الْوَاقِفِ يُرَاعَى جِهَةُ الْعُصُوبَةِ.

فَإِنْ قُلْت فَمَا مَعْنَى هَذَا التَّشْرِيكِ؟ قُلْت يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّسْوِيَةُ كَمَا سَوَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ مَوْضِعَ الشَّقِيقَةِ أُخْتٌ لِأَبٍ تَقَدَّمَتْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ أَنَّ الشَّقِيقَ مُقَدَّمٌ فَيَسْتَحِقُّ بِالْأَصَالَةِ، وَإِذَا وُجِدَ مَعَهُ أَخٌ لِأَبٍ شَارَكَهُ فِي نَصِيبِهِ وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَكُونُ الَّذِي مِنْ الْأَبِ عَوْلُهُ عَلَى الشَّقِيقِ لَا يَكُونُ لَهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ هَذَا إذَا مَاتَ الَّذِي مِنْ الْأَبِ لَا نَقُولُ يَأْخُذُ نَصِيبَ وَلَدِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ، بَلْ نَقُولُ إنَّ هَذَا نَصِيبُ الشَّقِيقِ يُوَفَّرُ عَلَيْهِ كَالْوَقْفِ عَلَى اثْنَيْنِ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَيَخْتَصُّ بِهِ الثَّانِي وَإِذَا مَاتَ الشَّقِيقُ نَقُولُ يَنْتَقِلُ كُلُّ النَّصِيبِ إلَى الَّذِي مِنْ الْأَبِ وَاَلَّذِي مِنْ الْأُمِّ فِي النَّصِيبِ الْآخَرِ.

فَإِنْ قُلْت مَا ذَكَرْتُمْ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ انْحِصَارِ الدَّرَجَةِ وَاقْتِضَاءِ مِنْ التَّبْعِيضَ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ وَلَا يَلْزَمُ التَّقَيُّدُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّا إنَّمَا نَنْظُرُ إلَى مَدْلُولِ لَفْظِ الْوَاقِفِ وَالدَّرَجَةُ أَعَمُّ فَيَصِحُّ التَّبْعِيضُ فِيهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّرَجَةِ إلَّا وَاحِدٌ صُرِفَ إلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ التَّبْعِيضُ فِيهِ.

قُلْت إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الدَّرَجَةِ إلَّا وَاحِدٌ صُرِفَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ غَيْرُهُ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي الدَّرَجَةِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ وَهُمْ يَتَفَاوَتُونَ فَيَجِبُ رِعَايَةُ التَّبْعِيضِ.

فَإِنْ قُلْت لَيْسُوا مُتَفَاوِتِينَ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ هُمَا سَوَاءٌ إنْ كَانَ قَالَ بِذَلِكَ قَائِلٌ.

قُلْت لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ هُمَا سَوَاءٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الشَّقِيقَ زَائِدٌ فِي الْقُرْبِ قَطْعًا؛ وَغَايَةُ مَا يُتَخَيَّلُ أَنَّهُ يُجْعَلُ مِثْلَهُ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ فَلَا يَلْزَمُ التَّعْمِيمُ.

فَإِنْ قُلْت: فَقَدْ قَالَ الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ فِي إسْجَالِهِ إنَّهُ رَأَى قَوْلَ الْوَاقِفِ وَيَشْتَرِكُ فِيهِ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَمِنْ الْأَبِ صَرِيحًا فِيمَا سَأَلَهُ السَّائِلُ.

قُلْت الَّذِي سَأَلَهُ السَّائِلُ الْحُكْمُ لِلشَّقِيقَةِ وَاللَّتَيْنِ مِنْ أُمٍّ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ خَطَأٌ قَطْعًا، وَلَا يَقُولُ عَرَبِيٌّ وَلَا عَجَمِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>