للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلَافُهُ فَلْيَتَّبِعْ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ وَوَافَقَ مَا قُلْته أَوْ تَرَدَّدَ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْرَحَ بِذَلِكَ لِصِيَانَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ أَنْ يَنْظُرَ فِيمَا لَيْسَ لَهُ النَّظَرُ وَأَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى نَظَرِهِ مِنْ التَّوْلِيَاتِ وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ بِغَيْرِ حَقِّهَا وَمَنْعِ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا مِنْهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ وَيَشْكُرَ اللَّهَ عَلَى صِيَانَتِهِ، وَمَنْ يَقِفْ عَلَيْهِ مِنْ الْقُضَاةِ الشَّافِعِيَّةِ إنْ وَافَقَ فَلَا يَفْرَحْ بِذَلِكَ بَلْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُبْتَلًى بِذَلِكَ كَلَّفَهُ اللَّهُ بِتَقَلُّدِهِ الْقُضَاةَ بِالنَّظَرِ فِيهِ فَيَقُومُ بِوَاجِبِهِ وَمَنْ يَقِفْ عَلَيْهِ مِنْ كُتَّابِ السِّرِّ وَالْمُوَقِّعِينَ الْمُبَلِّغِينَ عَنْ السُّلْطَانِ يَنْظُرُونَ بِهِ فِيمَا يَكْتُبُونَهُ عَنْ السُّلْطَانِ لِيَكُونَ جَارِيًا عَلَى نَهْجِ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ وَالْعَوَائِدِ الْمُسْتَقِرَّةِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْعَوَائِدِ. الَّتِي لَا أَصْلَ لَهَا وَقَدْ تَكُونُ الْعَوَائِدُ فِي مِثْلِ هَذَا سَبَبُهَا مَرْضَاةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَمُجَامَلَتُهُمْ وَالْحَيَاءُ مِنْهُمْ مِمَّا هُوَ مَحْمُودٌ فَلَا يَجِبُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا وَتَبْرُزُ مَرَاسِيمُ وُلَاةِ الْأُمُورِ بِلُزُومِهِ.

وَمِمَّا نَذْكُرُهُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا لِبَيَانِ الْعِلْمِ وَإِنْ كُنَّا أَشَدَّ كَرَاهِيَةً لِذِكْرِهِ مِنْ الْأَوَّلِ أَنَّ السُّلْطَانَ أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ أَعْظَمَ مَقَامًا وَأَعْلَى مَكَانًا وَمَكَانَةً وَهُوَ الَّذِي يُوَلِّي الْقُضَاةَ الْكِبَارَ فَهَلْ لَهُ نَظَرٌ فِي الْأَوْقَافِ وَإِذَا أَطْلَقْنَا النَّظَرَ لِلْحَاكِمِ هَلْ الْمُرَادُ الْقَاضِي وَحْدَهُ أَوْ يَدْخُلُ السُّلْطَانُ؟ وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي فِي ذَلِكَ أَنَّ شَرْطَ النَّظَرِ لِلْحَاكِمِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ السُّلْطَانُ وَكَذَا الْمَشْرُوطُ فِيهِ النَّظَرُ لِلْقَاضِي أَمَّا الْقَاضِي فَصَرِيحٌ فِي نَائِبِ الشَّرْعِ وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَمُحْتَمِلٌ وَلَكِنَّ الْعُرْفَ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِثْلُ الْقَاضِي فَلَا يَعْرِفُ أَهْلُ مِصْرَ وَالشَّامِ مِنْ الْحَاكِمِ إلَّا الْقَاضِي بِخِلَافِ عُرْفِ الْعِرَاقِ فَكُلُّ وَقْفٍ فِي مِصْرَ أَوْ الشَّامِ شُرِطَ النَّظَرُ فِيهِ لِلْقَاضِي أَوْ لِلْحَاكِمِ فَالنَّظَرُ فِيهِ لِمُرَادِ نَائِبِ الشَّرْعِ وَلَا يَدْخُلُ السُّلْطَانُ فِيهِ كَمَا لَوْ شُرِطَ النَّظَرُ لِزَيْدٍ لَا يَكُونُ لِغَيْرِهِ، وَهَلْ يَكُونُ لِلسُّلْطَانِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ نَظَرٌ عَامٌّ عَلَيْهِ؟

يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِهِ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ هُوَ الَّذِي يُوَلِّي الْقَاضِيَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ لَا؛ لِأَنَّ النَّظَرَ الْعَامَّ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ نَظَرُ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ نَاظِرٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ فَمَنْ أَخَلَّ مِنْ النُّظَّارِ الْخَاصَّةِ بِشَيْءٍ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي نَظَرِهِ اسْتَدْرَكَهُ الشَّرْعُ وَسَدَّ خَلَلَهُ، وَالْقَاضِي هُوَ نَائِبُ الشَّرْعِ فَلِذَلِكَ يَنْظُرُ نَظَرًا عَامًّا عَلَى كُلِّ نَاظِرٍ خَاصٍّ السُّلْطَانُ فَمَنْ دُونَهُ كَمَا يَحْكُمُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ عَلَيْهِمْ فَإِذَا كَانَ الْقَاضِي هُوَ النَّاظِرَ الْخَاصَّ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَقَدْ اجْتَمَعَ فِيهِ النَّظَرُ الْخَاصُّ وَالنَّظَرُ الْعَامُّ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ عَامٍّ عَلَيْهِ، وَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ شَرْطَ النَّظَرِ لِشَخْصٍ غَيْرِ قَاضٍ فَلَا شَكَّ أَنَّ لِلْقَاضِي النَّظَرُ الْعَامُّ عَلَيْهِ لِنَائِبِ الشَّرْعِ؛ وَهَلْ نَقُولُ أَيْضًا إنَّ لِلسُّلْطَانِ النَّظَرَ الْعَامَّ، وَلَا شَكَّ أَنَّ السُّلْطَانَ أَعْلَى مَرْتَبَةً وَلَكِنَّهُ أَيَّدَهُ اللَّهُ لَا يَتَفَرَّغُ زَمَانُهُ لِلنَّظَرِ فِي الْأُمُورِ الْجُزْئِيَّةِ وَمَا تَقْتَضِيهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ بِعُمُومِ سَلْطَنَتِهِ وَأَنَّهُ ظِلُّ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ قَدْ اقْتَضَى نَظَرُهُ الشَّرِيفُ إقَامَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>