للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْمَحْضَرِ الَّذِي سَمَّاهُ هُوَ كِتَابُ الْوَقْفِ فَوَجَبَ عَلَيْنَا النَّظَرُ فِي هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ وَهُمَا حُكْمُ تَمَلُّكِ الْبَائِعِينَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِمِائَةٍ وَحُكْمٌ بِوَقْفٍ عَلَى أَوْلَادِ مَحْمُودٍ وَبُورِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

هَلْ هُمْ هَؤُلَاءِ أَوْ لَا فِي إحْدَى وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ هَذَا الْمَكَانَ كَانَ خَرَابًا مُعَطَّلًا حِينَ الْبَيْعِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي مُدَّةٍ إلَّا بَيْعَ غَيْرِهِ سَنَةَ حَرْبٍ وَتَعَطُّلٍ وَبِيعَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَاهُ وَعَادَ إلَيْهِمْ وَأَنَّ حَاكِمًا حَكَمَ بِأَنَّهُ بِخَرَابِهِ وَتَعَطُّلِهِ صَارَ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَمَا ذَلِكَ رَأَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَبِكُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ الِاحْتِمَالَيْنِ نُسَوِّغُ الشَّهَادَةَ لَهُمْ بِالْمِلْكِ وَالْحُكْمِ بِهَا مَعَ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ بِالْوَقْفِ الْمُتَقَدِّمِ وَالْحُكْمِ بِهَا فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ وَإِذَا اُحْتُمِلَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَرْفَعَ يَدَ الْيُونِينِيّ وَحُكْمَ الْحَاكِمِ بِصِحَّةِ شِرَائِهِ بِالشَّكِّ.

وَالْحُكْمُ بِذَلِكَ يَكُونُ بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَّا تَسْوِيغًا لِلشَّهَادَةِ بِالِاحْتِمَالِ لَكِنَّا لَمْ نَعْلَمْ مُسْتَنَدَ الشُّهُودِ وَنَحْمِلُ الْأَمْرَ فِيهِمْ بِعَدَالَتِهِمْ عَلَى أَنَّهُمْ شَهِدُوا شَهَادَةً صَحِيحَةً جَازَ بِأَنَّهَا مُطَابِقَةٌ لِلْوَاقِعِ وَذَلِكَ مُمْكِنٌ بِالطَّرِيقِ الَّتِي قُلْنَاهَا فَنُنْزِلُهُ عَلَيْهَا وَلَا نُنْزِلُهُ عَلَى التَّعَارُضِ الْمُقْتَضِي كَذِبَ أَحَدِ الْبَيِّنَتَيْنِ مَهْمَا أَمْكَنَ حَمْلُهُمَا عَلَى الصِّدْقِ وَهَذَا أَمْرٌ وَاجِبٌ لِثُبُوتِ عَدَالَةِ الْجَمِيعِ وَضَبْطِهِمْ، وَمِنْ الطُّرُقِ أَيْضًا الَّتِي يَجُوزُ سُلُوكُهَا فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْبَيْعِ وَالْيَدِ وَالْمِلْكِ هُوَ أَوَّلُ الْأَحْكَامِ الَّتِي رَأَيْنَاهَا فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ وَأَيْضًا ثُبُوتُ الْحَاكِمِ إذَا سَلِمَ عَنْ تِلْكَ الْقَوَادِحِ كُلِّهَا بِمَنْزِلَةِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِالْوَقْفِ فَهِيَ مُعَارِضَةٌ لِبَيِّنَةِ الْمِلْكِ وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا إنَّ بَيِّنَةَ الْمِلْكِ وَبَيِّنَةَ الْوَقْفِ يَتَعَارَضَانِ.

وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الدَّعَاوَى وَذَكَرَ بَعْدَهُ.

مَسْأَلَةً عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ لَا تُخَالِفُهُ وَهِيَ رَجُلَانِ تَنَازَعَا حِصَّةً ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مِلْكٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَالْآخَرُ أَنَّهَا وَقْفٌ وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً فَحَكَمَ الْحَاكِمُ لِمُدَّعِي الْمِلْكَ ثُمَّ نَازَعَهُ آخَرُ يَدَّعِي وَقْفَهَا فَأَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ لَهُ وَأَقَامَ مُدَّعِي الْوَقْفِ بَيِّنَةً فَرَجَّحَ الْحَاكِمُ بَيِّنَةَ الْمِلْكِ ذَهَابًا إلَى أَنَّ الْمِلْكَ الَّذِي حَكَمَ بِهِ يُقَدَّمُ عَلَى الْوَقْفِ الَّذِي لَمْ يَحْكُمْ بِهِ، ثُمَّ نَازَعَهُ آخَرُ يَدَّعِي وَقْفَهَا وَأَقَامَ مُدَّعِي الْمِلْكِ الْبَيِّنَةَ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ لَهُ وَتَقْدِيمِ جَانِبِهِ وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ الَّذِي يَدَّعِيهِ قَضَى بِصِحَّتِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْمِلْكِ أَنَّهُ حَكَمَهُ عَلَى الْوَقْفِ قَالَ الشَّيْخُ

<<  <  ج: ص:  >  >>