أَنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ أُولَئِكَ وَأَنَّ أُولَئِكَ مُسْتَحِقُّو الْوَقْفَ وَأَنَّ ذُرِّيَّتَهُمْ مُسْتَحِقُّونَ لَمْ يَحْكُمْ لَهُمْ الْحَنْبَلِيُّ وَلَا مُسْتَنِيبُهُ وَلَا غَيْرُهُمْ مِنْ الْحُكَّامِ بِشَيْءٍ إلَى يَوْمِنَا هَذَا، وَالْحُكْمُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى مِشَدِّ الْأَوْقَافِ لِيَصْرِفَهُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ مَعَ عَدَمِ بَيَانِ الْمُسْتَحِقِّينَ إنْ صَحَّحْنَاهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَحْمَلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ مِنْ أَنَّ الشُّهُودَ إذَا ذَكَرُوا الشُّرُوطَ فِي الْوَقْفِ بِالِاسْتِفَاضَةِ لَا تَثْبُتُ الشُّرُوطُ وَيَثْبُتُ الْأَصْلُ وَيَصْرِفُهُ الْقَاضِي فِي وُجُوهِ الْبِرِّ فَهَذَا أَحْسَنُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ حُكْمُ هَذَا الْحَاكِمِ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ بِشَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ لِمُعَيَّنٍ أَوْ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا هَاهُنَا فَغَايَةُ حُكْمِ هَذَا الْحَاكِمِ أَنْ يَكُونَ جَعَلَهُ لِوُجُوهِ الْبِرِّ لَا يَخْتَصُّ بِهِ أَوْلَادُ مَحْمُودٍ وَبُورِي لِمَا تَبَيَّنَ مِنْ التَّعَصُّبِ عَلَيْهِمْ عَلِمْت ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ وَبِالتَّوَاتُرِ وَالْبَيِّنَةُ وَحْدَهَا كَافِيَةٌ وَالتَّوَاتُرُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْحُكْمِ بِالْعِلْمِ الْحَاصِلِ فَإِنْ جَوَّزْنَا الْحُكْمَ بِهِ كَانَ سَبَبًا آخَرَ مَعَ الْبَيِّنَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُجَوَّزْ كَانَ مُؤَكَّدًا وَلِأَنَّهُمْ بَيْتُ عِلْمٍ وَدِيَانَةٍ وَأَخَذُوا الْمَكَانَ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ وَهُوَ خَرَابٌ دَاثِرٌ وَعَمَّرُوا فِيهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ شَيْئًا كَثِيرًا وَجَاءَ هَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ: إنَّهُمْ أَوْلَادُ مَحْمُودٍ وَبُورِي اسْتَوْلَوْا عَلَى الْجَمِيعِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ لَهُ فَلَيْتَ شِعْرِي تِلْكَ الْأَعْيَانُ الَّتِي أَحْدَثَهَا الْيُونِينِيّ كَيْفَ تُسَلَّمُ لِهَؤُلَاءِ وَقَدْ تَسَلَّمُوهَا وَلَهَا فِي أَيْدِيهمْ ثَلَاثُونَ سَنَةً وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ نَرُدَّ الْحُقُوقَ إلَى أَهْلِهَا فَاسْتِيلَاؤُهُمْ عَلَيْهَا زِيَادَةٌ فِي الظُّلْمِ وَلَا أَدْرِي مَنْ سَلَّمَهَا لَهُمْ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَمْ يَأْذَنْ فِي ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي سَلَّمَهَا لَهُمْ ابْنُ مَعْبِدٍ فَإِنَّهُ كَانَ مِشَدَّ الْأَوْقَافِ ذَلِكَ وَكَانَ مِنْ أَقْوَى الْمُتَعَصِّبِينَ عَلَى ابْنِ الْيُونِينِيّ فَكَأَنَّهُ لَمَّا تَسَلَّمَهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ مَكَّنَهُمْ مِنْهَا بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ فَاسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا.
وَفَصْلُ الْمَقَالِ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ إنَّ أَوْلَادَ الْيُونِينِيّ مَحْكُومٌ لَهُمْ وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَحْكُمْ أَحَدٌ لَهُمْ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مُسْتَنَدٌ لِوَضْعِ يَدِهِمْ.
ثُمَّ نَظَرْت فِي حُكْمِ الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ بِرَفْعِ يَدِ الْيُونِينِيّ فَأَحْسَنُ مَحَامِلِهِ إذَا أَحْسَنَّا الظَّنَّ بِهِ أَنْ يَكُونَ جَعَلَهُ وَقْفًا مُطْلَقًا لَا يَخْتَصُّ وَنَزَعَهُ مِنْ يَدِ اخْتِصَاصِهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ دَوَامُ النَّزْعِ فَلِحَاكِمٍ آخَرَ أَنْ يَصْرِفَهُ لَهُ هَذَا نِهَايَةُ التَّحَيُّلِ فِي تَحْسِينِ الظَّنِّ وَإِلَّا فَقَدْ قَرَّرْنَا فِي صَدْرِ هَذِهِ الْكُرَّاسَةِ مَا فِيهِ الْكِفَايَةُ.
ثُمَّ نَظَرْت فِي تَنْفِيذِ الْمُسْتَنِيبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute