للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا نُسِبَ إلَيْهِ أَمْ لَا فَهُوَ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ شَيْءٌ لَوْ قَارَنَ الْحُكْمَ أَيُمْنَعُ مِنْ الْحُكْمِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ صَحِيحًا.

وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ حُكْمٍ قَارَنَهُ مَا لَوْ عَلِمَ بِهِ الْحَاكِمُ لَمْ يَحْكُمْ فَقَدْ نَقُولُ بِأَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِخِلَافِهِ وَكَذَلِكَ لِغَيْرِهِ. وَإِنَّمَا قُلْنَا " قَدْ " لِأَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهُ ذَكَرْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ الْقُدْسِ. وَكُلُّ حُكْمٍ قَارَنَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَا لَوْ عَلِمَ بِهِ الْحَاكِمُ لَمْ يَمْتَنِعْ مَعَهُ مِنْ الْحُكْمِ فَإِنَّ الْحُكْمَ مَعَهُ نَافِذٌ قَاطِعٌ لِأَثَرِهِ. وَإِذَا كَانَ حُكْمُ الْقَاضِي عَامًّا وَكَانَ هُنَاكَ صُورَةٌ لَمْ يُمْكِنْ انْدِرَاجُهَا فِيهِ شَمِلَهَا كُلَّهَا عَلِمَهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْهَا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَامًّا وَكَانَ هُنَاكَ صُورَةٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا وَلَا شَمِلَهَا حُكْمُهُ فَلَا يَمْتَنِعُ هُنَا حُكْمُ قَاضٍ آخَرَ فِيهَا بِمَا يَرَاهُ إذْ لَا مُعَارَضَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حُكْمِ الَّذِي قَبْلَهُ. وَبِالْجُمْلَةِ هَذَا الَّذِي اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ لَمْ يَثْبُتْ وَإِذَا فَرَضْنَا ذَا سُلْطَانٍ أَرَادَ قَتْلَهُ بِذَلِكَ وَطَلَبَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْحَاكِمِ أَنْ نَحْكُمَ بِعِصْمَتِهِ وَيَلْفِظُ بِالشَّهَادَتَيْنِ عِنْدَهُ إنْ مَنَعْنَا الْقَاضِي مِنْ الْحُكْمِ لَهُ مَعَ اعْتِقَادِ الْقَاضِي عِصْمَتَهُ كَانَ ذَلِكَ إسْرَافًا كَيْفَ يُمَكَّنُ مِنْ قَتْلِهِ مَعَ اعْتِقَادِهِ عِصْمَتَهُ - نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ - وَهَلْ جُعِلَ الْقَاضِي إلَّا لِيَحْكُمَ بِالْحَقِّ وَيَمْنَعَ الظَّالِمَ عَنْ الْمَظْلُومِ وَإِنْ قُلْنَا يَحْكُمُ اسْتِنَادًا إلَى الِاسْتِمْرَارِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي دَفْعِ مَا قِيلَ عَنْهُ كَانَ الْحُكْمُ عُرْضَةً لِلنَّقْضِ وَأَحْكَامُ الْحُكَّامِ تُصَانُ عَنْ النَّقْضِ وَنَفْرِضُ أَنَّهُ حَكَمَ فَهَذَا حُكْمٌ لَا يُقْطَعُ بِبُطْلَانِهِ وَكُلُّ حُكْمٍ لَا يُقْطَعُ بِبُطْلَانِهِ لَا يَجُوزُ نَقْضُهُ فَثَبَتَ أَنَّهُ يَحْكُمُ وَلَا يَنْقُضُ وَهُوَ الْمُدَّعِي وَالْمَانِعُ مِنْ النَّقْضِ كَوْنُ الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ الِاحْتِمَالِ لَا اعْتِقَادِ الْقَاضِي أَنَّهُ رَافِعٌ لِلْخِلَافِ الْمُتَوَقَّعِ وَقَالَ: شِبْهُ ذَلِكَ حِلُّ هَذَا لَا يُشْتَرَطُ وَمَنْ اشْتَرَطَهُ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ بِاشْتِرَاطِهِ.

وَمِنْهَا الْمَسْأَلَةُ الَّتِي أَشَرْنَا إلَيْهَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو دَارًا فِي يَدِهِ وَجَاءَ بِبَيِّنَةٍ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ بِهَا، ثُمَّ جَاءَ الدَّاخِلُ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهَا لَهُ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي نَقْضِ الْقَضَاءِ قِيلَ: يُنْقَضُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذَاهِبِ وَقِيلَ: لَا وَقِيلَ: يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ نُقِضَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَمْ يُنْقَضْ، هَذَا إذَا كَانَ قِيَامُ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ وَمِنْ مَذْهَبِهِ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ أَمَّا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْحَاكِمَ الْأَوَّلَ إنَّمَا حَكَمَ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِبَيِّنَةِ الدَّاخِلِ فَكَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>