للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَظَرٌ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ «سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ قَالَ أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا وَأَخِي فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمَّنَا مَاتَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ» وَفِيهِ «إنَّ أُمَّنَا وَأَدَتْ أُخْتًا لَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ تَبْلُغْ الْحِنْثَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَأَيْتُمْ الْوَائِدَةَ وَالْمَوْءُودَةَ فِي النَّارِ إلَّا أَنْ تُدْرِكَ الْوَائِدَةُ الْإِسْلَامَ فَيَغْفِرُ اللَّهُ لَهَا» . وَهُوَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ لَكِنْ رُوِيَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ يَدُلُّ عَلَى نَسْخِهِ وَالنَّسْخُ ضَعِيفٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْحَدِيثِ عِلَّةٌ تَحْتَاجُ إلَى جَوَابٍ آخَرَ وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ لَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اطَّلَعَ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْمَوْءُودَةَ بَلَغَتْ سِنَّ التَّكْلِيفِ وَكَفَرَتْ وَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِ السَّائِلِ لَمْ تَبْلُغْ الْحِنْثَ لِجَهْلِهِ وَيَكُونُ التَّكْلِيفُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ مَنُوطًا بِالتَّمْيِيزِ، وَالسَّائِلُ يَجْهَلُهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا حَتَّى نُبَيِّنَهَا لَهُ.

وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّهَا سَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ أَيْنَ هُمْ؟ فَقَالَ فِي النَّارِ» . وَفِي إسْنَادِهِ ابْنُ عَقِيلٍ صَاحِبُ بَهِيَّةٍ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ وَأَحَادِيثٌ أُخَرُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَلَكِنْ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ.

(الْقَوْلُ الثَّالِثُ) التَّوَقُّفُ فَكُلُّ مَنْ عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ بَلَغَهُ الْكِبَرُ آمَنَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ بَلَغَهُ الْكِبَرُ كَفَرَ أَدْخَلَهُ النَّارَ وَنَسَبَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا الْقَوْلَ إلَى الْأَكْثَرِ وَرُبَّمَا عَبَّرُوا عَنْهُ بِأَنَّهُمْ فِي الْمَشِيئَةِ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» وَهُوَ دَلِيلٌ لِلتَّوَقُّفِ.

(الْقَوْلُ الرَّابِعُ) أَنَّهُمْ وَسَائِرُ الْأَطْفَالِ يُمْتَحَنُونَ فِي الْآخِرَةِ

«تُؤَجَّجُ لَهُمْ النَّارُ فَيُقَالُ: رِدُوهَا وَادْخُلُوهَا فَيَرِدُهَا أَوْ يَدْخُلُهَا مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ سَعِيدًا لَوْ أَدْرَكَ الْعَمَلَ وَيُمْسِكُ عَنْهَا مَنْ كَانَ فِي عِلْم اللَّهِ شَقِيًّا لَوْ أَدْرَكَ الْعَمَلَ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إيَّايَ عَصَيْتُمْ فَكَيْفَ رُسُلِي لَوْ أَتَتْكُمْ» . رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ النَّاس مَنْ يُوقِفُهُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ وَرَوَى مَعْنَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَمِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ بْنِ جَبَلٍ وَمِنْ حَدِيثِ الْأَسْوَدِ بْنِ سُرَيْعٍ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَثَوْبَانَ كُلِّهِمْ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْعَاقِبَةِ حَدِيثَ الْأَسْوَدِ بْنِ سُرَيْعٍ فِي ذَلِكَ وَصَحَّحَهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ الْأَسْوَدِ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَسَانِيدُهَا صَالِحَةٌ. لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَيْسَتْ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ أَصْلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>