للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَظِيمٌ، وَالْقَطْعُ فِيهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ضَعِيفٌ فِي الْعِلْمِ وَالنَّظَرِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ عَارَضَهَا وَهُوَ أَقْوَى مِنْهَا

وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ: لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ بِثَابِتٍ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِأُصُولِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ الْآخِرَةَ لَيْسَتْ بِدَارِ امْتِحَانٍ فَإِنَّ الْمَعْرِفَةَ بِاَللَّهِ تَعَالَى فِيهَا تَكُونُ ضَرُورَةً وَلَا مِحْنَةَ مَعَ الضَّرُورَةِ وَسَائِرُ الطَّاعَاتِ تَبَعٌ لِلْمَعْرِفَةِ فَإِذَا وَقَعَ الِامْتِحَانُ بِالْمَعْرِفَةِ وَقَعَ بِمَا وَرَاءَهَا وَاذَا سَقَطَ الِامْتِحَانُ بِهَا لَمْ تَثْبُتْ فِيمَا وَرَاءَهَا؛ وَلِأَنَّ دَلَائِلَ الشَّرْعِ اسْتَقَرَّتْ عَلَى أَنَّ التَّخْلِيدَ فِي النَّارِ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى الشِّرْكِ وَامْتِنَاعُ الصِّغَارِ فِي الْآخِرَةِ مِنْ دُخُولِ النَّارِ الْمُؤَجَّجَةِ لَيْسَ بِشِرْكٍ.

وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ هُوَ الظَّاهِرُ، لَكِنَّا لَا نَقْطَعُ بِهِ فَلَيْسَ يَظْهَرُ دَلِيلٌ عَقْلِيٌّ وَلَا سَمْعِيٌّ عَلَى اسْتِحَالَةِ ذَلِكَ.

هَذِهِ الْمَذَاهِبُ الْأَرْبَعَةُ هِيَ الَّتِي أَعْرِفُهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُمْ فِي الْأَعْرَافِ فَلَا أَعْرِفُهُ وَلَا أَعْرِفُ حَدِيثًا وَرَدَ بِهِ وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِيمَا عَلِمْت. وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ أَقْوَالًا فِي قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ} [الأعراف: ٤٦] قَالَ مُجَاهِدٌ صَالِحُونَ عُلَمَاءُ فُقَهَاءُ.

وَقَالَ أَيْضًا هُمْ رِجَالٌ اسْتَوَتْ سَيِّئَاتُهُمْ وَحَسَنَاتُهُمْ. وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «هُمْ آخِرُ مَنْ يُفْصَلُ بَيْنَهُمْ مِنْ الْعِبَادِ إذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَقَالَ أَنْتُمْ قَوْمٌ أَخْرَجَتْكُمْ حَسَنَاتُكُمْ مِنْ النَّارِ وَلَمْ تُدْخِلْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ الْجَنَّةَ فَأَنْتُمْ عُتَقَائِي فَارْعَوْا مِنْ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْتُمْ» .

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ فَيَغْتَسِلُونَ مِنْ نَهْرِ الْحَيَاةِ اغْتِسَالَةً فَتَبْدُو فِي نُحُورِهِمْ شَامَةٌ بَيْضَاءُ، ثُمَّ يَغْتَسِلُونَ فِيهِ فَيَزْدَادُونَ بَيَاضًا، ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ تَمَنَّوْا مَا شِئْتُمْ فَيَتَمَنَّوْنَ مَا شَاءُوا فَيُقَالُ لَهُمْ: لَكُمْ مَا تَمَنَّيْتُمْ وَسَبْعُونَ ضِعْفِهِ فَهُمْ مَسَاكِينُ أَهْلِ الْجَنَّةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ أَهْلُ ذُنُوبٍ كَثِيرَةٍ وَكَانَ جِمَاعُ أَمْرِهِمْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى.

(خَاتِمَةٌ) إنَّمَا تَكَلَّمْت فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جَوَابًا وَهِيَ مِمَّا لَا أُحِبُّ الْكَلَامَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ لَا يَزَالُ أَمْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مُوَاتِيًا أَوْ مُتَقَارِبًا - كَلِمَةً تُشْبِهُ هَاتَيْنِ - حَتَّى يَتَكَلَّمُوا فِي الْأَطْفَالِ وَالْقَدَرِ.

قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ فَذَكَرَتْهُ لِابْنِ الْمُبَارَكِ فَقَالَ فَيَسْكُتُ الْإِنْسَانُ عَلَى الْجَهْلِ قُلْت فَيُؤْمَرُ بِالْكَلَامِ فَسَكَتَ.

وَعَنْ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ كُنْت عِنْدَ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ إذْ جَاءَ رَجُلٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>