للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى جِهَةِ بِرٍّ وَيَرَى الْمَصْلَحَةَ فِي إذْنِهِ لِقَاضٍ حَنْبَلِيٍّ أَوْ حَنَفِيٍّ يَحْكُمُ بِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ أَيْضًا بِنِيَّةٍ لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصَةً وَأَمَّا بِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا، وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَقَائِعُ مِنْ ذَلِكَ يَطْلُبُ الْغَرِيمُ فِيهَا الْمُحَاكَمَةَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّة أَوْ الْحَنَفِيِّ أَوْ الْحَنْبَلِيِّ، وَرُبَّمَا يَنْتَجِزُ مَرَاسِيمُ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ بِذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا لَا يَجُوزُ فَجَمِيعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَاضِي الشَّافِعِيِّ لَا يَحْكُمُ فِيهِ إلَّا هُوَ أَوْ نَائِبُهُ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَلَا نُوَّابِهِمْ أَنْ يَحْكُمَ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَمُ انْتَهَى.

(مَسْأَلَةٌ) مِنْ نَحْوِ عَشْرِ سِنِينَ رَجُلٌ وَقَفَ وَقْفًا مِنْ جُمْلَتِهِ حِصَّةٌ مِنْ ضَيْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي سَنَةِ إحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةِ، وَثَبَتَ ذَلِكَ الْوَقْفُ عَلَى حَاكِمٍ بِأَسْجَالٍ مِنْ مَضْمُونِهِ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ إشْهَادُ الْوَاقِفِ عَلَى نَفْسِهِ بِجَمِيعِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ مِنْ وَقْفِهِ الْوَقْفَ الصَّحِيحَ الشَّرْعِيَّ، وَثَبَتَ هَذَا الثُّبُوتُ عَلَى حَاكِمٍ بَعْدَ حَاكِمٍ إلَى زَمَانِنَا هَذَا، وَمِنْ مَضْمُونِهِ التَّصْرِيحُ بِالْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ بِلَا ثُبُوتِ الْمِلْكِ وَالْحِيَازَةِ وَأَنَّ شَخْصًا فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِمِائَةٍ وَقَفَ وَقْفًا مِنْ جُمْلَةِ الْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ حَاكِمٍ وَثَبَتَ عِنْدَهُ الْمِلْكُ وَالْحِيَازَةُ وَحُكْمُهُ بِصِحَّةِ هَذَا الْوَقْفِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ نَازَعَ وَكِيلٌ مِنْ جِهَةِ مَنْ الْحِصَّةُ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَنَّهَا وَقْفٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فِي ذَلِكَ الْكَائِنِ حُكْمُهُ بِرَفْعِ يَدِهِ عَنْ الْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْعَمَلُ فِيهَا بِمُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ وَنَفَّذَ حُكْمَهُ جَمَاعَةٌ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ انْعَزَلَ الْحَاكِمُ الْمَذْكُورُ ثُمَّ بَعْدَ عَزْلِهِ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ لَمَّا حَكَمَ بِمَا نُسِبَ إلَيْهِ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يَكُنْ اطَّلَعَ قَبْلَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ عَلَى كِتَابِ الْوَقْفِ الثَّانِي وَلَا وَقَفَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَوْ أُحْضِرَ إلَيْهِ حِينَ اطَّلَعَ عَلَى مَا فِيهِ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا حُكِمَ بِهِ وَأَنَّ الَّذِي تَضَمَّنَهُ إسْجَالُ الْحَاكِمُ الَّذِي حَكَمَ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ الثَّانِي رَافِعٌ غَيْرَهُ لِمَا حُكِمَ بِهِ.

(أَجَابَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الضَّيْعَةَ إنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَصْحَابِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْوَقْفِ الثَّانِي فَحُكْمُ بَدْرِ الدِّينِ الْمَالِكِيِّ صَحِيحٌ وَتُرَدُّ إلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ لَهُمْ يَدٌ صَحِيحَةٌ عَلَيْهَا فَحُكْمُ بَدْرِ الدِّينِ الْمَالِكِيِّ بَاطِلٌ وَيُسَلَّمُ لِأَصْحَابِ الْوَقْفِ الثَّانِي بِمُقْتَضَى حُكْمِ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ.

هَذَا مُلَخَّصُ الْجَوَابِ بِحَسَبِ مَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ، وَأَمَّا تَفْصِيلُهُ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ فَنَقُولُ إشْهَادُ الْحَاكِمِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>