كتاب إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع للمرحوم عبد السلام ابن سودة هو اختصار لكتاب مطول لنفس المؤلف سماه زبدة الأثر مما مضى من العبر في القرن الثالث والرابع عشر. وهو كذلك آخر حلقة في سلسلة من حوليات في التراجم تبتدئ بكتاب أحمد بن قنفذ الخطيب القسنطيني (ت ٨٠٩/ ١٤٠٦) شرف الطالب في أسنى المطالب الذي ترجم فيه للنابهين من أعلام المشرق والمغرب في القرون الهجرية الثمانية الأولى، متلوّا بكتاب أحمد ابن القاضي الفاسي (ت ١٠٢٥/ ١٦١٦) لقط الفرائد من لفاظة حقق الفوائد الذي ذيّل به شرف الطالب مترجما للمشاهير من الرجال حتى نهاية القرن الهجري العاشر، وجاء محمد بن الطيب القادري (ت ١١٨٧/ ١٧٧٣) فذيل الكتابين السابقين بذلين: مطول سماه نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، ومختصر سماه التقاط الدرر ومستفاد المواعظ والعبر من أخبار أعيان المائة الحادية والثانية عشر تابع فيهما كتابة تراجم أعلام المغرب إلى عام سبعين ومائة وألف، ثم ذيّل عبد السلام ابن سودة كتابي القادري بذيلين: زبدة الأثر وإتحاف المطالع المشار إليهما أعلاه.
نشرت كتب هذه السلسلة كلها وأعيد نشر بعضها باستثناء كتابي ابن سودة الذين بقيا مخطوطين لحد الآن. وقد عهد إليّ-رحمه الله-قبل وفاته بنشر إتحاف المطالع (١). ومكنني من نسخة أصلية بعضها بخط يده وبعضها مرقون عليه تصحيحاته وإلحاقاته، وقال لي مازجا بين الجد والهزل على عادته:"لقد خلعت شاشية التاريخ وألبستك إيّاها كما خلع سيدي عبد الرحمان المجذوب شاشية الولاية وألسبها الشيخ أبا المحاسن الفاسي".
(١) وقف عبد السلام ابن سودة في زبدة الأثر ومختصره إتحاف المطالع في عام ١٣٧٠. وتابع كتابة تراجم المتوفين بعد هذا التاريخ في كتاب سماه الذيل التابع لإتحاف المطالع، ثم بدا له أن يضمهما إلى بعضهما باسم إتحاف المطالع مبتدئا بعام ١١٧٠ ومنتهيا بعام ١٤٠٠. وهو الذي ننشره هنا.