وفي يوم الثلاثاء تاسع ربيع الأول كان إدريس بن عمر بن محمد بن الشيخ المهدي ابن سودة خطيب جامع الرصيف منذ وفاة والده التي تقدمت عام تسعة وخمسين وثلاثمائة وألف طالعا من حانوته بسماط العدول إلى داره على الساعة الواحدة نهارا. ولما وصل إلى الطريق المؤدية من وادي رشاشة إلى حومة السياج ضربه أحد الفدائيين برصاصة في قفاه وخرجت من أنفه فسقط ميتا من حينه لأنه كان يخطب بابن عرفة وذهب عند توليته وأكرمه.
ومنذ وقع نفي جلالة الملك محمد الخامس انبعثت بالمغرب يد سميت بيد الفداء تقوم بأعمال القتل في جميع أنحاء المغرب لكل من كان له يد في عزل السلطان أوله ميول إلى الاستعمار كيف ما كان نوعه، وصارت اليد المذكورة تترقب الفرص لكل خائن لأجل اغتياله. فكان من سوء حظ إدريس المذكور أنه ترك ذكر جلالة الملك الشرعي في خطبته وذكر ابن عرفة، فأمروه بترك ذلك ولم ينته وخالفهم فقتلوه، وقد فعلوا ذلك بعدد كثير من خطباء المغرب في كل بلد، فمنهم من ترك الخطبة وأراح نفسه.
[علال بن إدريس المراكشي]
ومثل ما وقع لإدريس ابن سودة وقع لعلال بن إدريس المراكشي إمام ضريح المولى إدريس ابن إدريس الأزهر بفاس، وهو خطيب مسجد الشرابليين، لأنه كان ممن يصرّح في خطبته بابن عرفة. فلما خرج بعد صلاة العشاء من الضريح المذكور في نفس اليوم ذاهبا إلى داره، فلما وصل لدربه أطلق عليه النار أحد الفدائيين فأراده قتيلا.
[أحمد الزموري]
وفي يوم الأربعاء ثامن ربيع الثاني توفي أحمد الزموري قاضي درب السلطان من الدار البيضاء. كان علامة مشاركا مطلعا شاعرا مقتدرا يجيد الشعر مع فصاحة وإقدام. توفي عن القضاء بالمحل المذكور بعدما مرض مرضا ألزمه الفراش مدة. كانت ولادته عام أربعة عشر وثلاثمائة وألف، وكان تولى القضاء قبل الدار البيضاء بقرية ابن أحمد ودفن هناك بالبيضاء.
[أحمد بن محمد الرهوني]
وفي صباح يوم الثلاثاء خامس عشر ربيع الثاني المذكور توفي أحمد بن محمد الرهوني نزيل مدينة تطوان وشيخ الجماعة بها، ودفن بعد صلاة العصر من يومه. كانت ولادته عام ثمانية وثمانين ومائتين وألف.
العلامة المشارك المطلع المدرس الشهير، له عدة تآليف أكبرها: عمدة الراوين في أخبار تطّاوين؛ وله رحلة إلى الحج؛ وله اختصار كتاب الاستقصا، طبع؛ واختصار كتاب نفح الطيب؛ وله حادي الرفاق على لامية الزقاق، طبع؛ وشرح على مقدمة السنوسي الكبرى، طبع؛ وتحفة الإخوان بمختصر سيرة سيد الأكوان؛ وله شرح على المرشد؛ وشرح علي لامية ابن المجراد؛ وشرح على ألفية ابن مالك، والكل مطبوع، إلى غير ذلك من التآليف المفيدة الجامعة. له ترجمة واسعة في فهرسنا سل النصال (١).
(١) سقطت ترجمة أحمد الرهوني من نسختنا من سل النصال.