[قيام عبد الرحمان بن سليمان على السلطان محمد بن عبد الرحمان]
وإليك ما وجدت بخط بعضهم:"في اليوم الرابع عشر من صفر عام ستة وسبعين ومائتين وألف، وكان يوم الثلاثاء، قامت الفتنة بفاس وسدت الأسواق وبعض الدروب بسبب قيام بعض الشرفاء العلويين أولاد مولانا سليمان وما انضاف إليهم من الطالعة وزقاق الحجر وبعض أهل العدوة من الصعاليك فقط على عاملها محمد بن الطالبي النتيفي، وذهبوا لداره ونهبوه ووقع القتال بباب داره، إلا أن اللطف حصل فلم يمت أحد. وذهبوا بوسط فاس ونواحيها، أعنى الأشراف العلويين، وهم يعلنون نصرة الشريف مولاي عبد الرحمان بن سليمان رحمه الله ومن تبعهم من غوغاء العامة حتى وصلوا لباب الفتوح فجلسوا هناك ينتظرون دخول منصورهم مولاي عبد الرحمان المذكور إلى عشية اليوم المذكور، فاتفقت كلمة أهل العدوة على نفي الشرفاء من باب الفتوح ولو بقتالهم، فتصدى للكلام معهم الحاج عبد الكريم ابن حدّو وقال لهم اذهبوا إلى حالكم وإلا رأيتم ما لا يسركم، فقام رئيسهم مولاي قدور بن اليزيد المركطاني وقال له نحن كنا محتمين بكم، فقال له ابن حدو اذهبوا إلى حالكم، فذهبوا محتمين بحماه حتى أوصلهم إلى قرب دار الشريف مولاي سليمان بن الطيب بن السلطان مولاي سليمان بسيدي حنين، نطلب الله أن يسكّن روعة المسلمين".
[استمرار الهيجان في مدينة فاس]
وفي يوم الأربعاء خامس عشر منه أصبحت باب الفتوح مغلقة والحراسة عليها، وفرق البارود علي أهل فاس والمال والعدة. وعلى الساعة العاشرة أو ما قاربها أتى مولاي عبد الرحمان مع البربر وبعض أهل صفرو إلى فاس فتعرض الجيش لهم قرب عين الحجاج، فوقع القتال هناك، وكانت الغلبة للجيش على مولاي عبد الرحمان وجيش البربر، ونهبوا وأتوا ببغلته ومتاعة إلى فاس، وقبض بعض الشرفاء ومن انضاف إليهم من الغوغاء وأطلق السبيل في أولاد السيد أحمد الزموري بالطالعة وقتل منهم من قتل لكونهم من جملة رؤساء المتمردين.
وفي يوم الجمعة ثامن عشر منه جاء البرابر أيت عياش ومن معهم فخرج الجيش إليهم وقبضوهم ونهبوهم وأتوا بما يزيد على خمسين سجينا منهم ونحو خمسة رؤوس من القتلى وغير ذلك. انتهى من خط الفقيه الفاطمي بن محمد ابن سودة الآتي الوفاة عام ثمانية عشر وثلاثمائة وألف، وأتيت بهذا النص لما فيه من البيان في هذه الواقعة.