للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا عرج ملك الموت بروح المؤمن إلى السماء استقبله جبريل في سبعين ألفا من الملائكة كلهم يأتيه ببشارة من السماء سوى بشارة صاحبه، فاذا انتهى به إلى العرش خر ساجدا فيقول الله عز وجل لملك الموت، انطلق بروح عبدي فضعه في سدر مخضوض وظل ممدود وماء مسكوب رواه بكر بن خنيس عن ضرار بن عمر عن يزيد وأبي عبد الله (وقيل إنما الذي في الجنة الشهداء) لقوله تعالى " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون" وروى ربيع بن مخلد عن هناد بن السرى عن اسماعيل بن المختار عن عطية عن أبي سعيد الخدري مرفوعا "الشهداء يغدون ويروحون، ثم يكون مأواهم إلى قناديل معلقة بالعرش، فيقول لهم الرب تبارك وتعالى هل تعلمون كرامة أفضل من كرامة أكرمتكموها؟ فيقولون لا، غير أننا وددنا أنك أعدت أرواحنا إلى أجسادنا حتى نقاتل مرة أخرى فتقال في سبيلك" (وفي صحيح مسلَّم) واللفظ له وجامع الترمذي وغيرهما عن مسروق قال سألت عبد الله بن مسعود عن هذه الآية "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون" فقال أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال "أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوى إلى تلك القناديل فاطَّلع اليهم ربهم اطَّلاعه فقال هل تشتهون شيئًا؟ قالوا أشيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأو أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا يارب نريد أن تردّ أرواحنا في أجيادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا" (وقال تقي الدين) بن مخلد حدثنا يحيى بن عبد الحميد أخبرنا ابن عيينة عن يزيد أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول أرواح الشهداء تجول في أجواف طير خضر تعلق في ثمر الجنة، وأخرج أحمد وأصحاب السنن الأربعة عن كعب بن مالك أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال "أن أرواح الشهداء في طسر خضر تعلق من ثمر الجنة أو شجر الجنة" لفظ الترمذي وقال حسن صحيح، وفي بعض الآثار في صور طير وفي بعضها في أجواف طير خضر (قال ابن عبد البر) وهو اختيار ابن حزم، والذي يشبه عندي أن يكون القول قول من قال كطير أو في صور طير لمطابقته حديث كعب "نسمة المؤمن طائر" (قال الحافظ بن القيم) وفي صحيح مسلَّم في جوف طير، ولا منافاة بين حديث أنه طائر وبين حديث المقعد بل ترد روحه أنهار الجنة وتأكل من ثمرها، ويعرض عليه مقعده الا أنه لا يدخله الا يوم الجزاء، بدليل أن منازل الشهداء يومئذ ليست هي التي تأوى اليها أوراحهم في البرزخ؛ فدخول الجنة التام انما يكون للأنسان التام روحا وبدنا، ودخول الروح فقط أمر دون ذلك (وقيل) هم بفناء

<<  <  ج: ص:  >  >>