للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنة على بابها يأتيهم من نعيمها ورزقها قاله مجاهد، وقد يحتج له بما في المسند عن ابن عباس مرفوعا "الشهداء على بارق نهر على باب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم بكرة وعشية من الجنة (وقالت طائفة من الصحابة) والتابعين أرواح المؤمنين عند الله لم يزيدوا على ذلك، وقريب منه قول حذيفة بن اليمان الأرواح موقوفة عند الرحمن عز وجل تنتظر موعدها حتى ينفخ فيها، وهذا تأدب منهم مع لفظ القرآن حيث يقول "أحياء عند ربهم يرزقزن" (وقال أبو داود الطيالسي) حدثنا حماد بن سلَّمة عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن أبي موسى الأشعري، قال تخرج روح المؤمن أطيب من ريح المسك فتنطلق بها الملائكة الذين يتوفونه فتتلقاه الملائكة من دون السماء فيقولون هذا فلان بن فلان كان يعمل كيت وكيت لمحاسن عمله، فيقولون مرحبا بكم وبه، فيقبضونها منهم فيصعد به من الباب الذي كان يصعد عمله منه فتشرق في السماوات ولها برهان كبرهان الشمس حتى ينتهي إلى العرش (وأما الكافر) فاذا قبض انطلق بروحه فيقولون ما هذا، فيقولون فلان ابن فلان كان يعمل كيت وكيت لمساوى عمله، فيقولون لا مرحبًا لا مرحبًا ردوه، فيرد إلى أسفل الأرضين إلى الثرى (وقال الأمام مالك) بلغني أن الروح مرسلة في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت، وهو قول سلَّمان الفارسي رضي الله عنه، والبرزخ هو الحاجز بين الشيئين فكأنه أراد في أرض بين الدنيا والآخرة، وهو قول قوي فأنها فارقت الدنيا ولم تلج الآخرة (وقال ابن حزم في طائفة) مستقرها حيث كانت قبل خلق أجسادها أي عن يمين آدم وشماله، وهذا ما قاله الله ونبيه صلَّى الله عليه وسلَّم لا يتعداه قال تعالى "واذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى" وقال (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) ان الله تعالى خلقة الأرواح جملة وكذلك أخبر صلَّى الله عليه وسلَّم "أن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف" وأخذ الله عهدها وشهادتها بالربوبية وهي مخلوقة مصورة عاقلة قبل أن تؤمر الملائكة بالسجود لآدم وقبل أن يدخلها في الأجساد؛ والأجساد يومئذ تراب وماء؛ ثم أقرها حيث شاء وهو البرزخ الذي ترجع إليه عند الموت، ثم لا يزال يبعث بها الجملة بعد الجملة فينفخها في الأجساد المتولدة من المني إلى أن قال فصح أن الأرواح أجسام حاملة لأعراضها من التعارف والتناكر وأنها عارفة مميزة فيبلوهم الله في الدنيا كما يشاء ثم يتوفاها فترجع إلى البرزخ الذي رآها فيه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ليلة أسرى به إلى سماء الدنيا أرواح أهل السعادة عن يمين آدم، وأرواح أهل الشقاوة عن يساره عند منقطع العناصر الماء والهواء والتراب والنار تحت السماء، ولا يدل ذلك على تعادلهم، بل هؤلاء عن يمينه في العلو والسعة، وهؤلاء عن يساره في السفل والسجن، وتعجل أرواح الأنبياء والشهداء إلى الجنة، قال وذكر محمد

<<  <  ج: ص:  >  >>