للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن نصر المروزي عن اسحاق بن راهوية أنه ذكر هذا الذي قلنا بعينه، وقال على هذا أجمع أهل العلم (قال ابن حزم) وهو قول جميع أهل الاسلام؛ وقول الله تعالى "فأصحاب الميمنة ما أسحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة، والسابقون السابقون، أولئك هم المقربون، في جنات النعيم، ثلة من الأولين وقليل من الآخرين" وقوله (فأما إن كان من المقربين فروح وريحان) إلى آخرها فلا تزال الأرواح هناك حنى يتم عددها بنفخها في الأجساد ثم برجوعها إلى البرزخ فتقوم الساعة فيعيدها عز وجل إلى الأجساد وهي الحياة الثانية (قال الحافظ ابن القيم) رحمه الله فلعمر الله لقد قال قولا يؤيده الحديث الصحيح وهو حديث الأسراء، وقوله أن مستقرها حيث كانت قبل خلق أجسادها بناء منه على مذهب طائفة من السلف والخلف أن الأرواح مخلوقة قبل الأجساد وليس على ذلك دليل من كتاب ولا سنة ولا اجماع الا ما فهموه من آية لا تدل لهم وأحاديث لا تصح، والجمهور على خلاف ذلك كما مضى، وأما نقله عن محمد بن نصر فالذي ذكر محمد في كتاب الرد على ابن قتيبة فى تفسير "وأِهدهم على أنفسهم الست بربكم" الآثار التي ذكرها السلف من استخراج ذرية آدم من صلبه مثل الذر وقسمهم إلى شقي وسعيد وكتب أعمالهم وأرزاقهم؛ وما يصيبهم من خير وشر، ثم قال اسحق أجمع أهل العلم أنها الأرواح قبل الأجساد استنطقهم وأشهدهم على أنفسهم الست بربكم "ان يقولوا انا كنا عن هذا غافلين أو يقولوا "انما أشرك أباؤنا من قبل" هذا نص كلامه وهو كما ترى لا يدل على أن مستقرها حيث تنقطع العناصر قبل خلق الأجساد ولا بعد (وقيل هي على أفنية قبورهم) وقد ذهب إليه ابن عبد البر وقال هو أصح ما ذهب إيه، ألا ترى أن الأحاديث الدالة على ذلك ثابتة متواترة، وكذلك أحاديث السلام على القبور، يريد بالأحاديث المتواترة مثل حديث ابن عمر في عرض المقعد وحديث البراء، وفيه هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة، وحديث أنس، وفيه أنه يرى مقعده من الجنة والنار، وأنه يفسح للمؤمن في قبره سبعون ذراعا ويضيق على الكافر، وحديث جابر "إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فاذا دخل المؤمن قبره وتولى عنه أصحابه أتاه ملك الحديث" وفيه أنه يرى مقعده من الجنة، فيقول دعوني أبشر أهلي، فيقال له اسكن هذا فهذا مقعدك أبدًا، وكذا سائر أحاديث عذاب القبر ونعيمه، ومراده بأحاديث السلام أن فيها خطاب المسلَّم على أهل القبور خطاب العاقل الحاضر كما سيأتي ذلك، وهذا القول إن أريد به أن كونها على القبور لا زم لا تفارق فهذا خطأ يرده الكتاب المحكم والسنن الصحيحة، وعرض المقعد لا يدل على أن الروح في القبر ولا على فنائه بل على أن لها اتصالا به يصح أن يعرض عليها مقعدها، فإن للروح شأنًا

<<  <  ج: ص:  >  >>