للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملك الذي على أرواح الكفار، قال سفين سألنا الحضرميين فقالوا لا يستطيع أحد أن يبيت فيه بالليل (وقال كعب) أرواح المؤمنين في عليين في السماء السابعة، وأرواح الكفار في سجين الأرض السابعة تحت حذاء إبليس (وهو قول جماعة من السلف والخلف) ويدل عليه قول النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم عند موته "اللهم الرفيق الأعلى" وفي حديث أبي هريرة الماضي قريبا "إن الميت إذا خرجت روحه عرج بها إلى السماء حتى تنتهي إلى السماء حتى تنتهي إلى العرش، إلى غير ذلك من الأحاديث الماضية، ولكن هذا لا يدل على استقرارها هناك، لكن تصعد ليكتب كتابها في عليين أو سجين ثم ترد إلى القبر (وقيل أرواح المؤمنين ببئر زمزم، وأرواح الكفار ببئر برهوت) وهذا من أفسد الأقوال ولا دليل عليه بل هو مخالف لصريح السنة الصحيحة "إن نسمة المؤمن في طائر يعلق في شجر الجنة ونحوه، من الأحاديث، وثم أقوال أخر طرحتها لوهائها ولا يحكم على قول من هذه الأقوال بعينه بالصحة وعلى غيره بالبطلان بل (الصحيح أن الأرواح متفاوتة في مستقرها في البرزخ أعظم تفاوت) ولا تعارض بين الأدلة فإن كلا منها وارد على فريق من الناس بحسب درجاتهم في السعادة أو الشقاوة (فمنها) أرواح في أعلى عليين في الملأ الأعلى وهم الأنبياء، وهم متفاوتون في منازلهم كما رآهم النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ليلة الاسراء (ومنها) أرواح في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، وهي أرواح بعض الشهداء لا جمعيهم، فان منهم من يحبس عن دخول الجنة لدين أو غيره كما في المسند عن محمد بن عبد الله بن جحش أن رجلا جاء إلى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال يا رسول الله مالي ان قتلت في سبيل الله؟ قال الجنة، فلما ولىًّ قال الًا الدين، سارني به جبريل آنفا" (ومنهم) من يكون على باب الجنة كما في حديث ابن عباس الماضي "الشهداء على بارق تهر بباب الجنة" (ومنهم) من يكون محبوسًا في قبره كحديث صاحب الشملة "إنها لتشتعل عليه نارًا في قبره" (ومنهم) من يكون محبوسًا في الارض لم تصل روحه إلى الملأ الأعلى فانها كانت روحا سفلية أرضية، فان الأنفس الأرضية لا تجامع الأنفس السماوية كما أنها لا تجامعها في الدنيا، فالروح بعد المفارقة تلحق بأشكالها وًاحاب عملها، فالمرء مع من أحب (ومنها) أرواح تكون في تنور الزناة، وأرواح في نهر الدم، فليس للأرواح سعيدها وشقيها مستقر واحد؛ وكلها على اختلاف محالها وتباين مقارها لها اتصال بأجسادها في قبورها ليحصل له من النعيم أو العذاب ما كتب له، واذا أمعنت النظر في السنن والآثار عرفت حجج ذلك وأنه لا تعارض بينها، لكن الشأن في فهمها ومعرفة النفس وأحكامها وأن لها شأنا غير شأن البدن وأنها مع كونها في الجنة هي في السماء وتتصل

<<  <  ج: ص:  >  >>