للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفناء القبر وبالبدن فيه، وهي أسرع شيء انتقالا، وأنها تنقسم إلى مرسلة ومحبوسة وعلوية وسفلية، ولها بعد المفارقة صحة ومرض ولذة وألم، وما أِبه حالها في هذا البدن بحال البدن في بطن أمه، وحالها بعد المفارقة بحاله بعد خروجه من البطن إلى هذه الدار (وللنفس أربعة دور) كل دار أعظم من التي قبلها (الأولى) بطن الأم وذلك الحصر والضيق والغم والظلمات الثلاث (الثانية) هذه الدار التي نشأت فيها وألفتها واكتسبت فيها الخير والشر (الثالثة) دار البرزخ وهي أوسع من هذه الدار وأعظم، ونسبة هذه الدار اليها كنسبة الدار الأولى إلى هذه (الرابعة) الدار التي لا دار بعدها، دار القرار الجنة أو النار، والله تعالى ينقلها في هذه الدور طبقا بعد طبق حتى يبلغها الدار التي لا يصح لها غيرها، وهي التي خلقت لها وهيئت للعمل الموصول اليها، ولها في كل دار منهذه الدور حكم وشأن غير شأن الأخرى ملخصا من كتاب الروح (أما تلاقي الأرواح وتزاورها وتلقى أخبار ذويها ممن يموت) فقد قال الحافظ ابن القيم رحمه الله في موضع آخر من كتابه المذكور ما نصه: أنت عليم بأن الأرواح قسمان، منعمة ومعذبة (أما المعذبة) فهي لعمرى عن التزاور والتلاقي في أشغل الشغل، والله المسئول أن يرحم ضعفنا فيجيرنا من ذلك، ولا يكلنا إلى أعمالنا (وأما المنعمة) المرسلة غير المحبوسة فتتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا وما يكون من أهل الدنيا، فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها، وروح نبينا صلَّى الله عليه وسلَّم في الرفيق الأغلى، قال تعالى "ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النَّبيَّين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا" وهذه المعية ثابتة في هذه الدتيا في دار البرزخ وفي دار الجزاء، والمرء مع من أحب في هذه الدور الثلاث، وقد تواترت المرائي بذلك (قال صالح بن بشر) رأيت عطاء السليمي في النوم بعد موته؛ فقلت يا أبا محمد ألست في زمرة الموتى؟ قال بلى قلت فماذا صرت إليه بعد الموت؟ قال صرت والله إلى خير كثير ورب غفور شكور، قلت أما والله قد كنت طويل الحزن في دار الدنيا؟ فتبسم وقال أما والله لقد أعقبني ذلك فرحا طويلا وسرورًا دائما، فقلت في أي الدرجات أنت قال "مع الذين أنعم عليهم من المبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (وقال عبد الله بن المبارك) رأيت سفيان الثوري في النوم فقلت ما فعل الله بك، قال لقيت محمدا وحزبه (وقال صخر بن راشد) رأيت عبد الله بن المبارك في النوم بعد موته، فقلت أليس قدمتًّ؟ قال بلى: قلت ما صنع الله بك، قال غفر لي مغفرة أحاطت بكل ذنب: قلت فسفيان الثوري قال بخ بخ ذلك مع الذين أنعم الله عليهم من النَّبيَّين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك

<<  <  ج: ص:  >  >>