للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واكذا. واكذا. فلما أفاق قال: ما قلت شيئا الا قيل لى أنت كذا؟ فلما مات لم تبك عليه اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل بظاهرها على أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه وقد اختلفت أنظار العلماء فى ذلك، فذهب إلى الأخذ بظاهر هذه الأحاديث جماعة من السلف منهم عمر وابنه رضى الله عنهما، وروى عن أبى هريرة رضى الله عنه أنه ردَّ هذه الأحاديث وعارضها بقوله عز وجل {ولا تزر وازرة وزر أخرى} وروى عنه أبو يعلى أنه قال: تالله لئن انعالمق رجل مجاهد فى سبيل الله فاستشهد فعمدت امرأته سفها وجهلا فبكت عليه ليعذبن هذا الشهيد بذنب هذه السفيهة، وإلى هذا جنح جماعة من الشافعية منهم الشيخ أبو حامد وغيره (وذهب جمهور العلماء) إلى تأويل هذه الأحديث لمخالفتها للعمومات القرآنية وإثباتها لتعذيب من لا ذنب له، واختلفوا فى التأويل (فذهب جمهورهم) كما قال النووى إلى تأويلها بمن أوصى أن يبكى عليه ويناح بعد موته فنفذت وصيته، فهذا يعذب ببكاء أهله عليه ونوحهم لأنه بسبه ومنسوب اليه، قالوا فأما من بكى عليه أهله وناجوا من غير وصية منه؛ فلا يعذب ببكائهم ونوحهم لقوله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى} قالوا وكان من عادة العرب الوصية بذلك، ومنه قول طرفة بن العبد

إذا مت فانعبنى بما أنا أهله _ وشقى على الجيب يا ابنة معبد

قالوا فخرج الحديث مطلقا حملا على ما كان معتادًا لهم (قال الحافظ) رحمه الله واعترض بأن التعذيب بسبب الوصية يستحق بمجرد صدور الوصية، والحديث دال على أنه يقع وقوع الامتثال (والجواب) أنه ليس فى السياق حصر، فلا يلزم من وقوعه عند الامتثال أن لا يقع اذا لم يمتثلوا مثلا اهـ (وقالت طائفة) هو محمول على من أوصى بالبكاء والنوح أو لم يوص بتركهما، فمن أوصى بهما أو أهمل الوصية بتركهما يعذب بهما لتفريطه باهماله الوصية بتركهما، فأما من أوصى بتركهما فلا يعذب بهما إذ لا صنع له فيهما ولا تفريط، وحاصل هذا للقول إيجاب الوصية بتركهما، فمن أهملها عذب بهما (ومن التأويلات) ما حكاه الخطابى أن المراد أن مبدأ عذاب الميت يقع عند بكاء أهله عليه، وذلك أن شدة بكائهم غالبًا إنما تقع عند دفنه، وفى تلك الحال يسأل ويبتدأ به عذاب القبر، فيكون معنى الحديث على هذا أن الميث يعذب بحال بكاء أهله عليه، ولا يلزم من ذلك أن يكون بكاؤهم سببا لتعذيبه (قال الحافظ) ولا يخفى ما فيه من التكلف، ولعل قائله أخذه من قول عائشة إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه ليعذب بمصيبته أو بذنبه، وإن أهله ليبكون عليه الآن، أخرجه مسلم اهـ "قلت والأمام أحمد أيضا وهو فى أحاديث الباب" (ومنها) ما جزم به القاضى أبو بكر الباقلانى وغيره أن الراوى سمع بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>