للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر (١) قال دخلت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على ميت من الأنصار (٢) وأهله يبكون، فقلت أتبكون (٣) وهذا رسول الله صلي الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دعهن يبكين ما دام عندهن (٤) فإذا وجبت فلا يبكين، فقال جابر فحدثت به عمر بن حميد القرشي، فقال ماذا وجبت؟


وسيأتي ذلك فى باب جامع الشهداء من كتاب الجهاد ان شاء الله تعالى (رابعها) قال الراوى فى حديث الباب نفسه، فقال جابر فحدثت به عمر بن حميد الخ، فظهر بذلك بطلان ما صححه الدمياطى، وأن راوى الحديث جابر لا جبر والله أعلم (١) هكذا بالأصل عن عمر، ولم أجده مسندًا إلى عمر فى كتب أحد من المحدثين غير مسند الأمام أحمد، وظاهر هذا الصنيع أنه من مسند عمر وروايته عن النبى صلى الله عليه وسلم، ومن يكون عمر من الصحابة اذا أطلق اسمه الا عمر ابن الخطاب رضى الله عنه، وإذا كان كذلك فلم لم يكن هذا الحديث فى مسند عمر بن الخطاب رضى الله عنه؟ هذا ما أشكل علىَّ فهمه، والظاهر والله أعلم أن كلمة (عن عمر) زائدة لا محل لها هنا وأن القائل (دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ) هو جابر بن عتيك رضى الله عنه، وبهذا يتفق الحديث مع رواية الجماعة ويزول الاشكال، والله أعلم بحقيقة الحال (٢) المراد بالميت هنا المختصر كما فى قوله صلى الله عليه وسلم "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله أى من حضره الموت، وذلك المحتضر هو عبد الله بن ثابت الأنصارى كما صرح بذلك فى الموطأ والسنن الأربع، ولفظه عندهم "عن جابر بن عتيك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب عليه، فصاح به لم يجبه، فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال غلبنا عليك يا أبا الربيع، فصاح النسوة وبكين فجعل جابر يسكتهن؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهن - الحديث" وفيه إباحة البكاء عند المريض بالصياح، ولعل الواقع منهن حينئذ كان مما لا يمكن دفعه ولا يقدر على كتمه ولم يبلغ الى الحد المنهى عنه، ففهم جابر أنه مما لا يباح مثله فأخذ يسكتهن (٣) فى مخاطبتهن بجمع الذكور دليل على أنه كان معهن رجال من أهل المحتضر فخص الذكور بالخطاب تغليبا ولكونهم أكثر ادراكا من النسوة، والظاهر أن الرجال سكتوا بمجرد قوله "أتبكون وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم" يعنى حاضرا بين أظهركم، وتمادى النساء لعدم ادراكهن فأراد اسكاتهن، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهن الخ (٤) أى حيًا قبل خروج روحه "وقوله فاذا وجبت" أى فارقت الروح الجسد "فلا يبكين" لفظه فى الموطأ والسنن (دعهن فاذا وجبت "اى ات" فلا تبكين باكية) والمعنى واحد، وظاهره جواز البكاء قبل الموت ومنع منه بعده، ولكن لا بد من حمل الجواز على ما ليس معه نوح أو

<<  <  ج: ص:  >  >>