للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-١١١ -

قصة حاطب بن أبي بلتعة وإرساله كتابا إلى كفار قريش يحذرهم من المسلمين

-----

حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظيعة، فقلنا أخرجي الكتاب، قالت ما معي من كتاب، قلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب، قال فأخرجت الكتاب من عقاصها فأخذنا الكتاب فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حاطب ما هذا؟ قال لا تعجل علي إني كنت أمرء ملصقا في قريش ولم أكن من أنفسها وكان من كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة فأحببت إذ فاتني ذلك النسب فيهم أن أتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قد صدقكم، فقال عمر رضي الله عنه دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال إنه قد شهد بدرا: وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل


غيره أنها سارة مولاة لبني عبد المطلب وجعل لها جعلا على أن تبلغه لقريش فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه قرونها ثم خرجت به، وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما صنع حاطب، فبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام فقال أدركا امرأة قد كتبت معها حاطب كتابا إلى قريش يحذرهم ما قد أجمعنا له من أمرهم، فخرجنا حتى أدركاها فذكر نحو حديث الباب ذكر ياقوت مائة وثلاثين روضة في بلاد العرب منها روضة خاخ، وهو موضع بين مكة والمدينة وهو بخاءين معجمتين بينهما ألف (وقوله ظعينة) بفتح الظاء المعجمة وكسر العين المهملة: وهي في الأصل المرأة ما دامت في الهودج: ثم جعلت المرأة المسافرة ظعينة سواء سافرت أم أقامت أصله تتعادى أي تجري حذفت إحدى التائية تخفيفا (وفي رواية أخرى للإمام أحمد أيضا) قال فانطلقنا على أفراسنا حتى أدركناها حيث قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسيير على بعير لها: قال وكان كتب إلى أهل مكة بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا لها أين الكتاب الذي معك؟ قالت ما معي كتاب، فأنخنا بها بعير ها فابتغينا في رحلها فلم نجد فيه شيئا|، فقال صاحباي ما نرى معها كتابا، فقلت لقد علمتما ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم حلفت والذي أحلف به لئن لم تخرجي الكتاب لأجر دنك فأهوت إلى حجرتها وهي محتجزة بكساء فأخرجت الصحيفة الحديث هو بكسر العين المهملة جمع عقيصة، وهي الشعر المضفور، وهذا ينافي ما في الرواية الأخرى للإمام أمد المتقدمة آنفا بلفظ فأهوت إلى حجرتها فأخرجت الصحيفة، ويقال في الجمع بينهما إن عقيصتها طويلة بحيث تصل إلى حجرتها فربطته في عقيصتها وغرزته بحجرتها والله أعلم (الحجزة) بضم الحاء المهملة موضع شد الإزار أي بالحلف فقد (ولم أكن من أنفسها) بضم الفاء أي لم أكن من نفس قريش وأقربائهم إنما قال ذلك عمر مع تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاطب فيما اعتذر به لما كان عند عمر من القوة في الدين وبغض من ينسب إلى النفاق وظن أن من خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أمر به استحق القتل لكنه لم يجزم بذلك، ولهذا استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتله وأطلق عليه منافقا لكونه

<<  <  ج: ص:  >  >>