للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[قصة لبيد بن الأعصم الذى سحر النبى صلى الله عليه وسلم والرد على منكرى ذلك]-

إليه أنه يفعل الشئ وما يفعله (١) قالت حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دعا (٢) قال يا عائشة شعرت أن الله عز وجل قد أفتانى فيما استفتيته فيه (٣)، جاءنى رجلان (٤) فجلس أحدهما عند رأسى والآخر عند رجليّ (٥) فقال الذى عند رأسى للذى عند رجلي أو الذى عند رجلى للذى عند رأسى (٦) ما وجع الرجل؟ قال مطبوب (٧)، قال من طبه قال لبيد بن الأعصم، قال فى أى شئ؟ قال فى مشط (٨) ومشاطة وجف (٩) طلعةٍ ذكرٍ، قال وأين هو؟ قال فى بئر أروان (١٠)، قالت فأتاها فى ناس من أصحابه (وفى لفظ فذهب النبى صلى الله عليه وسلم


وقد سحرنا محمدًا فلم نصنع شيئا ونحن نجعل لك جعلا على أن تسحره لنا سحرا ينكؤه فجعلوا له ثلاثة دنانير (١) وقع فى رواية عند البخارى حتى كان يرى أنه يأتى النساء ولا يأتيهن (قال سفيان وهذا أشد ما يكون من السحر اذا كان كذا) قال المازرى أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها، قالوا وكل ما أدى إلى ذلك فهو باطل، وزعموا أنه تجويز هذا يعدم الثقة بالشرع إذ يحتمل على هذا أن يخيل إليه انه يرى جبريل وليس هو ثمّ، وأنه يوحى إليه بشئ ولم يوح إليه بشئ قال وهذا كله مردود لأن الدليل قد قام على صدق النبى صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن الله عز وجل وعلى عصمته فى التبليغ، والمعجزات شاهدات بتصديقه فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل، وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التى لم يبعث لأجلها ولا كانت الرسالة من أجلها فهو فى ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض، فغير بعيد أن يخيل إليه فى أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك فى أمور الدين (٢) زاد فى رواية لمسلم (ثم دعا) أى كرر لفظ دعا ثلاث مرات وهذا هو المعهود منه صلى الله عليه وسلم أنه كان يكرر الدعاء ثلاثا، قال النووى فيه استحباب الدعاء عند حصول الأمور المكروهات وتكريره والالتجاء إلى الله تعالى فى دفع ذلك (٣) اى اجابنى فيما دعوته فأطلق على الدعاء استفتاءا لأن الداعى طالب والمجيب مستفتى، والمعنى أجابنى فيما سألت عنه لأن دعاءه كان أن يطلعه الله على حقيقة ما هو فيه لما اشتبه عليه من الأمر (٤) أى ملكان كما صرح بذلك فى الرواية التالية وسماهما ابن سعد فى رواية منقطعة جبريل وميكائيل (٥) لم يذكر فى هذه الرواية أيهما قعد عند رأسه وقد جزم الدمياطى فى السيرة بأنه جبريل قال لأنه أفضل، ووقع عند النسائى والامام احمد فى حديث زيد بن أرقم وسيأتى بعد هذا قال فجاءه جبريل عليه السلام فقال إن رجلا من اليهود سحرك وهو حديث صحيح، فدل مجموع الطرق على أن المسئول هو جبريل والسائل ميكائيل (٦) جاء عند الحميدى فقال الذى عند رجلى للذى عند رأسى يريد أن السائل ميكائيل والمسئول جبريل فقال الحافظ وكأنها أصوب (٧) بالطاء المهملة الساكنة والباءين الموحدتين أى مسحور، قيل كنوا عن السحر بالطب تفاؤلا لا كما قالوا للديغ سليم (٨) بضم الميم وسكون المعجمة الآلة التى يسرح بها شعر الرأس واللحية (ومشاطة) بضم الميم وفتح المعجمة مخففة وبعد الألف طاء مهملة ما يخرج من الشعر عند التسريح، وفى حديث ابن عباس من شعره ومن أسنان مشطه ورواه البيهقى، وفى مرسل ابن عبد الحكم فعمد إلى مشط وما مشط من الرأس من شعر فعقد بذلك عقدا (٩) بضم الجيم بعدها فاء، ووقع فى بعض نسخ مسلم جب بالجيم والباء الموحدة، قال النووى وهما بمعنى وهو وعاء طلع النخل وهو الغشاء الذى يكون عليه ويطلق على الذكر والأنثى فلهذا قيده فى الحديث بقوله طلعة ذكر بالتنوين كنخلة على أن لفظ ذكر صفة للجف (١٠) بوزن

<<  <  ج: ص:  >  >>