للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[قصة أيوب وداود ويوسف عليهم السلام مع المرأة]-

من الخنا (١) ويحك يا عكاف انهن صواحب ايوب (٢) وداود ويوسف وكرسف، فقال له


الأعزب أما المتزوج فلا تغريه المرأة لأن عنده ما يغنيه عنها، وفى الحديث (ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء (ق حم وغيرهم) (١) قال أهل اللغة الخنا بفتح الخاء المعجمة الفحش، وهو كل ما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصى وكثيرا ما ترد الفاحشة بمعنى الزنا وهو المراد هنا كما يستفاد من السياق، وفيه مدح عظيم للمتزوج وتطهيره من الفواحش وكفى بذلك شرفا وفخرا (وقوله ويحك يا عكاف) ويح كلمة ترحم وتوجع تقال لمن وقع فى هلكة لا يستحقها وهى منصوبة على المصدر وقد ترفع وتضاف ولا تضاف، يقال ويح زيد وويحا له وويح له (٢) (انهن صواحب أيوب وداود الخ) يعنى النساء يشير الى عظيم كيدهن وانه قلما ينجو من كيدهن احد حتى الانبياء عليهم السلام لولا العصمة فذكر منهم أيوب وداود ويوسف (أما أيوب) فلم أجد فى كتاب الله تعالى ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يشير الى أن أيوب عليه السلام له قصة مع المرأة الا ما قاله بعض المفسرين فى قوله تعالى {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث} فقد ذكر البغوى فى تفسيره عن الحسن ما ملخصه أن أيوب عليه السلام لما ابتلاه الله عز وجل بالمرض الشديد مكث سبع سنين وأشهرا وهو صابر على شدة المرض لا يشغله ذلك عن ذكر الله والالتجاء اليه، فاراد ابليس أن يفتنه واستعمل كل الحيل فى افتتانه فلم يفلح، فاتاه من قبل زوجته التى كانت تأتيه بالطعام والشاب ولم يكن له معين فى مرضه سواها، فتمثل لها فى صورة رجل صالح وذكرها ما كانت فيه من النعيم والمال وصحة أيوب وجماله وشبابه وما هو فيه من الضر الآن، وأنه لا يبرأ من مرضه الا اذا ذبح هذه السخلة باسمى: وأتاها بسخلة وقال ليذبح هذه لى ويبرأ فأتته تصرخ وتلح عليه أن يذبح السخلة كما أمرها الرجل ويبرأ، ففطن أيوب لكيد الشيطان وقال لها أتاك عدو الله ونفخ فيك؟ ويلك أتريدين أن اذبح لغير الله؟ طعامك وشرابك على حرام، لئن شفانى الله عز وجل لاجلدنك مائة جلدة اذهبى عنى فلا أراك، فطردها وبقى وحيدا لا مؤنس له فخر ساجدا لله تعالى وقال {رب انى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين} فشفاه الله عز وجل وكان ما قصه الله عنه فى كتابه (وأما داود) عليه السلام فقد جاءت قصته مع المرأة فى القرآن الكريم بطريق التمثيل والتعريض دون التصريح لكونها أبلغ فى التوبيخ، فقال تعالى على لسان الملائكة {ان هذا أخى له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزنى فى الخطاب} فهى تشير الى أن داود عليه السلام طلب الى زوج المرأة أن ينزل له عنها، ويروى أن أهل زمانه كان يسأل بعضهم بعضا أن يتنازل له عن امرأته فيتزوجها اذا أعجبته، وكان لهم عادة فى المواساة بذلك، وكان الأنصار فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم يواسون المهاجرين بمثل ذلك، فاتفق أن داود وقعت عينه على امرأة أوريا فاعجبته فسأله النزول له عنها فاستحى أن يرده ففعل فتزوجها داود، وقيل خطبها أوريا ثم خطبها داود فآثره اهلها: فكانت زلتة ان خطب على خطبة أخيه المؤمن مع كثرة نسائه وقد ذكر بعض المفسرين واصحاب السير عن الاسرائيليات ان داود ارسل اوريا مرة بعد مرة الى غزوة البلقاء وأحب أن يقتل ليتزوجها فلا يليق من المتسمين بالصلاح فعل ذلك فضلا عن بعض أعلام الأنبياء، ويروى عن على رضى الله عنه انه قال من حدثكم بحديث داود على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين جلدة وهو حد الفرية على الأنبياء (وأما يوسف عليه السلام) فقد قص الله عز وجل علينا فى كتابه تبيين ما وقع ليوسف مع امرأة العزيز بأوضح عبارة ووصف النساء فى هذه القصة بأن كيدهن عظيم

<<  <  ج: ص:  >  >>