للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[كلام العلماء في الكفاء وذم من يرغبون في كفاءة الدنيا دون التقوى]-

أحساب (١) أهل الدنيا الذين (٢) يذهبون إليه هذا المال (عن سمرة بن جندب) (٣) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسب المال (٤)، والكرم التقوى (عن عائشة رضي الله عنها) (٥) قالت كانت بريرة عند عبد فعتقت فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها بيدها (٦) (وفي لفظ) فلما أعتقت


حدثنا زيد بن الحباب حدثني حسين بن واقد حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه إلخ (غريبة) (١) جمع حسب بفتح المهملتين فموحدة تحته هو في الأصل الكرم والشرف والمجد، مأخوذ من الحساب لأن العرب كانوا إذا تفاخروا واعدوا مناقبهم ومآثر آبائهم وحسبوها فيحكم لمن زاد عدده على غيره، ولكن الذين رغبوا في الدنيا تحولوا عن ذلك فجعلوا فضائلهم التي يرغبون فيها ويميلون إليها ويعتمدون عليها في النكاح وغيره هو المال ولا يعرفون شرفاً آخر مساوياً له، فصاحب المال فيهم عزيز كيفما كان، وغيره ذليل وإن كان من أهل الصلاح والتقوى، لهذا أسماهم النبي صلى الله عليه وسلم أهل الدنيا لشغفهم بها وطمأ نيتهم إليها كما يشغف الرجل بأهله ويأنس إليهم، فصاروا أهلاها وهي لهم أهل، وصارت أموالهم أحسابهم يفتخرون بها ويحتسبون بكثرتها عوضاً عن افتخارهم بشرف النسب والتقوى، والله تعالى يقول (أن أكرمكم عند الله أتقاكم) (٢) قال الحافظ العراقي كذا وقع في أصلنا من مسند أحمد (الذين) وصوا به (الذي) وكذا رواه النسائي كغيره (يعني الذي) قال والوجه أن أحساب أهل الدنيا الذين يذهبون إليها فيؤتي بوصف الاحساب مؤنثاً لأن الجموع مؤنثة وكأنه روعي في التذكير المعني دون اللفظ، وأما الذين فلا يظهر وجهه إذ ليس وصفاً لأهل الدنيا بل لأحسابهم إلا أن يكون اكتسبه بالمجاورة (تخريجه) (نس حب هق ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وصححه أيضاً أبن حبان (٣) (سنده) حدثنا يونس بن محمد ثنا سلام بن أبي مطيع عن قتادة عن الحسن عن سمرة إلخ (غريبة) (٤) أي الشيء الذي كون به الإنسان عظيم القدر عند الناس هو المال، والذي يكون به عظيم عند الله هو التقوى، وقال العامري في شرح الشهاب أشار بالخبر إلى ان الحسب الذي يفتخر به أبناء الدنيا اليوم المال فقصد ذمهم بذاك حيث أعرضوا عن الأحساب الخفية ومكارم الأخلاق الدينية، إلا ترى أنه أعقبه بقوله (والكرم التقوى) والتقوى تشمل المكارم الدينية والشيم المرضية التي فيها شرف الدارين (تخريجه) (مذ جه هق قط) وصححه الترمذي والحاكم واقره الذهبي (٥) (سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا أبي عن أبي إسحاق قال حدثني محمد بن مسلم الزهري وهشام بن عروة بن الزبير عن عائشة الخ (غريبة) (٦) معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم خيرها بين أن تبقى على نكاحه أو تفارقه كما صرح بذلك في اللفظ الآخر، وفيه دلالة على أن الكفاءة تغتفر برضا الأعلى لا مع عدم الرضا لأن بريرة لما لم يكن زوجها كفؤا لها بعد الحرية لأنه كان عبد خيرها النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (م د مذ قط هق) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد، وفي أحاديث الباب اعتبار الكفاءة وفي النكاح، قال الخطابي والكفاءة معتبرة في قوله أكثر العلماء بأربعة أشياء بالدين والحرية والنسب والصناعة، ومنهم من اعتبر فيها السلامة من العيوب واليسار فيكون جماعها ست خصال اهـ قال في رحمة الأمة والكفاءة عند الشافعي في خمسة، الدين والنسب والصنعة والحرية والخلو من العيوب، وشرط بعض أصحابه اليسار، وقول أبي حنيفة كقول الشافعي لكنه لم يعتبر الخلو من العيوب، ولم يعتبر محمد بن الحسن الديانة في الكفاءة إلا أن يكون بحيث يسكر ويخرج فيسخر منه الصبيان، وعن مالك أنه قال الكفاءة في الدين لا غير، وقال ابن أبي ليلى الكفاءة

<<  <  ج: ص:  >  >>