للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثانية: أن اللفظ على عمومه والعاصي يدخل في جملة المكلفين، وقال ابن خويز منداد (١): «فأما الأكل عند الاضطرار فالطائع والعاصي فيه سواء، لأن الميتة يجوز تناولها في السفر والحضر، وليس بخروج الخارج إلى المعاصي يسقط عنه حكم المقيم بل أسوأ حالة من أن يكون مقيما، وليس كذلك الفطر والقصر». وأيده على ذلك القرطبي (٢)، وقال به الجصاص، ووافقه الرازي، وهو اختيار شيخ الإسلام، وابن قدامه، والعثيمين. (٣)

النتيجة:

يظهر بعد وضوح الأدلة أن صراحة الأدلة عند المخالفين للسمعاني بجواز أكل الميتة للمسافر العاصي عند الضرورة، أقوى ممن وافقوا السمعاني، سواء من حيث التفسير الصحيح لبيان معنى الآية بأنها التعدي في الأكل، أو التعدي على المسلمين، وأيضا لإطلاق الآية، قال محمد رشيد رضا: " ولا خلاف بين المسلمين في أن السفر كالذي يباح فيه القصر يباح فيه الفطر وأما العاصي في السفر فهو على دخوله في الإطلاق من جملة المكلفين المخاطبين بالشريعة كلها كغيرهم". (٤) والله أعلم.


(١) ابن خويز منداد: هو محمد بن علي بن إسحاق بن خويز منداد، ويقال خواز منداد الفقيه المالكي البصري يكنى أبا عبد الله، وصنف كتبا كثيرة منها كتابه الكبير في الخلاف وكتابه في أصول الفقه، وكتابه في أحكام القرآن وعنده شواذ عن مالك واختيارات وتأويلات لم يعرج عليها حذاق المذهب، توفي في أواخر المائة الرابعة للهجرة. انظر لسان الميزان لابن حجر (٥/ ٢٩١).
(٢) الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٢٣٣).
(٣) انظر: أحكام القرآن للجصاص (١/ ١٥٦)، ومفاتيح الغيب (٥/ ٢٠٢)، ومجموع الفتاوى (١٠/ ٣٤٨)، والمغني (٤/ ٣٨) وتفسير القرآن العظيم لابن عثيمين (١/ ٢٦).
(٤) تفسير المنار (٢/ ١٢٢).

<<  <   >  >>