للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا يدل على وجوبهما ويؤيده قراءة من قرأ (وأقيموا الحج والعمرة لله) (١) " (٢)، وقال السعدي: " يستدل بقوله تعالى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} على وجوب الحج والعمرة وفرضيتهما ". (٣)

وهذا القول هو المشهور عند أحمد والشافعي في أحد قوليهما (٤)، وممن قال بذلك أيضاً ابن الفرس (٥)، والرازي، والقرطبي، وابن قدامه. (٦)

المخالفون:

خالف السمعاني بعض المفسرين والفقهاء، فقالوا أن المقصود من هذه الآية هو إتمامُ أعمالها بعد الشروع فيها، وليس الوجوب، قال ابن كثير رادًّا القول الذي جعل من هذه الآية دلالةً على الوجوب: "وظاهر السياق إكمال أفعالهما بعد البدء فيهما، ولهذا قال بعده: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} أي: صُدِدْتم عن الوصول إلى البيت ومنعتم من إتمامهما، ولهذا اتفق العلماء على أن الشروع في الحج والعمرة مُلْزِمٌ، سواء قيل بوجوب العمرة أو باستحبابها ". (٧) وقد قال أبو السعود عند تفسيره لهذه الآية:


(١) هذه القراءة هي قراءة ابن عباس، وابن مسعود، وعلقمة، والنخعي، انظر: جامع البيان (٢/ ٢١٣).
(٢) أنوار التنزيل (١/ ١٠٩).
(٣) تفسير السعدي ص ٩٠.
(٤) انظر: الأم للشافعي (٢/ ١٣٢)، والحاوي الكبير للمرداوي (٤/ ٤).
(٥) ابن الفرس: هو أبو محمد، عبد المنعم ابن الإمام محمد بن عبد الرحيم بن أحمد الأنصاري الخزرجي، ابن الفرس، برع في الفقه، والأصول، وبلغ الغاية فيه، له كتاب في أحكام القرآن، توفي سنة ٥٩٧ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء (٢١/ ٣٦٤).
(٦) انظر: أحكام القرآن لابن الفرس (١/ ٢٣٤)، ومفاتيح الغيب (٥/ ١١٩)، والجامع لأحكام القرآن (٢/ ٣٦٨)، والمغني لابن قدامه (٥/ ١٣).
(٧) تفسير القرآن العظيم (١/ ٥٣٠) بتصرف يسير. وأشار بعض المفسرين إلى وجه آخر لرد دلالة هذه القراءة وقال إن هذه القراءة شاذة فلا يعتمد عليها في الحكم، قال ابن عاشور (وقراءة: " وأقيموا " لشذوذها لا تكون داعيا للتأويل، ولا تتنزل منزلة خبر الآحاد، إذا لم يصح سندها إلى من نسبت إليه والصحيح بأنها تدل على الإتمام على معنى: إذا شرعتم فأتموا الحج والعمرة، فيكون من دلالة الاقتضاء. انظر: التحرير والتنوير (٢/ ٢٢٠) وبهذا يتبين أن ما ذكره أبو السعود من الجواب عن هذه القراءة هو الأوجه، حيث إن القراءة ثابتة، وأسانيدها صحيحة.

<<  <   >  >>