للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إن تزوجت فلانة فهي طالق، وقالوا بوقوع الطلاق، لأنه ألزم على نفسه الطلاق شريطة النكاح. وقد ذكر الجصاص في أحكامه هذا القول، وقال بأن قوله، والقائلين به هو الصحيح، وأنكر القول المخالف له. (١)

النتيجة:

ما ذهب إليه السمعاني، والموافقون له من قبله، ومن بعده، من أن تعليق الطلاق قبل النكاح لا يصح، وهذا هو الصحيح لما دلت عليه الآية التي اقتضت التراخي للطلاق بعد النكاح، ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا طلاق إلا فيما تملك ولا عتق إلا فيما تملك ولا بيع إلا فيما تملك) (٢)، ولما أثر عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه تلا قول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ}، ثم قال: فلا يكون طلاق حتى يكون نكاح" (٣). وهذان الحديثان بذاتهما يبطلان قول المخالف الذي ليس له أساس ولا دليل، والله أعلم.


(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص (٥/ ٢٣٢)، وقد اختلف مالك وأبو حنيفة فيمن يقع عليه الطلاق، فقال مالك: لا يقع الطلاق إلا على من عينت، وخالفه أبو حنيفة بقوله أنه لو قال: " كل امرأة أتزوجها فهي طالق فإن كل امرأة يتزوجها بعد هذا الكلام تطلق منه". انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (٦/ ٢٤٠).
وقد ذكر ابن عطية، وابن كثير، والشوكاني كلا القولين، وأبطلوا قول مالك، وأبي حنيفة، المخالف لما تقتضيه دلالات نصوص القرآن وصريح السنة، وما هو عليه جمهور السلف، للاستزادة انظر: المحرر الوجيز (٥/ ٣١٥)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (٦/ ٢٤٠)، وفتح القدير (٦/ ٥٩).
(٢) أخرجه أبو داود في سننه - باب في الطلاق قبل النكاح - حديث ٢١٩٢ (٢/ ٢٢٤)، قال عنه الألباني حديث حسن، انظر: إرواء الغليل (٦/ ١٧٣).
(٣) أخرجه الحاكم في مستدركه - كتاب التفسير - باب في تفسير سورة الأحزاب حديث ٣٥٦٧ (٢/ ٤٥٤)، قال عنه حديث صحيح على شرط الشيخين.

<<  <   >  >>