للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها - يعني العصر والفجر - ثم قرأ جرير {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا}) (١).

وقد خالف المعتزلة القول برؤية الله، وقالوا بأنه لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة، ودليلهم قوله سبحانه لموسى عليه السلام حينما سأل رؤية ربه بأن ينظر إليه قال تعالى له: {لَنْ تَرَانِي} وزعموا بأن " لن " في هذه الآية تفيد التأبيد، بمعنى أنه لن يرى في الدنيا ولا في الآخرة.

ويتبين مما سبق صحة استنباط السمعاني وبطلان القول المخالف، وذلك بأن يرد على قولهم بأن " لن " في هذه الآية لا تفيد تأبيدا، وليس لهم حجة فيها لأن معنى الآية: لن تراني في الدنيا أو في الحال، لأنه كان يسأل الرؤية في الحال، فإذاً لا تكون " لن " هنا للتأبيد. بل قد ذكر العلماء جواز الرؤية لله في الدنيا عقلاً ومنعوها شرعاً، لأن سؤال موسى عليه السلام رؤية ربه ليس محالاً، إذ لو كان محالاً لما خفي على موسى عليه السلام الجائز والمستحيل. (٢)


(١) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب المساجد ومواضع الصلاة - باب فضل صلاتي الصبح والعصر - حديث ٦٣٣ (١/ ٤٣٩).
(٢) انظر: معالم التنزيل للبغوي (٣/ ٢٧٦)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (٨/ ٣٥١)، وحادي الأرواح لابن القيم (١/ ٢٠١)، ومدارك التنزيل للنسفي (٤/ ١٤)، وقد ذكر الشنقيطي الرد على استدلال المعتزلة بهذه الآية فقال: " والجواب من ثلاثة أوجه: الأول: أن المعنى: لا تدركه الأبصار أي في الدنيا فلا ينافي الرؤية في الآخرة. الثاني: أنه عام مخصوص برؤية المؤمنين له في الآخرة، وهذا قريب في المعنى من الأول. الثالث: وهو الحق: أن المنفي في هذه الآية الإدراك المشعر بالإحاطة بالكنه، أما مطلق الرؤية فلا تدل الآية على نفيه بل هو ثابت بهذه الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة واتفاق أهل السنة والجماعة على ذلك. انظر: دفع إيهام الاضطراب للشنقيطي (٥/ ٢١٥). وانظر: الاستنباط رقم ٥٣.

<<  <   >  >>