للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال حقي: " وفي الآية دليل على أن العبد لا يهتدي بنفسه إلا بهداية الله تعالى ألا ترى أنه قال: {عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} وهو ردٌّ على المعتزلة فإنهم يقولون: العبد يهتدي بنفسه. (١)

وليس هناك ثمة اختلاف كبير بين القدرية والمعتزلة فالقدرية يقولون بأن الله لم يقدر هذه الأشياء وإنما الناس هم الذين يفعلونها ويستقلون بإيجادها وخلقها " كل يخلق فعل نفسه "، وبقولهم هذا يكونون ضلالا لأنهم أنكروا خلق الله، أما المعتزلة فقالوا بأن الله لم يخلق أفعال العباد وإنما هم الذين خلقوها ". (٢)

وقد كان طائفة الجبرية (٣) على النقيض الآخر حيث قالوا أن العبد مجبور على أفعاله وأنه ليس له حول ولا قوة.

قال الشيخ صالح الفوزان: " وأهل السنة والجماعة وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية، فالجبرية: نسبة إلى الجبر لأنهم يقولون إن العبد مجبور على فعله، فهم غلوا في إثبات أفعال الله حتى نفوا أفعال العباد، وزعموا أنهم لا يفعلون شيئًا وإنما الله هو الفاعل والعبد مجبور على فعله فحركاته وأفعاله كلها اضطرارية كحركات المرتعش، وإضافة الفعل إلى العبد مجاز، والقدرية نسبة إلى القدر غلوا في إثبات أفعال العباد فقالوا: إن العبد يخلق فعل نفسه بدون مشيئة الله


(١) روح البيان (١٠/ ٣٩٥).
(٢) إعانة المستفيد (٢/ ٢٥٤).
(٣) الجبرية: هي طائفة قد غلت في إثبات القدر حتى أنكروا أن يكون للعبد فعل حقيقة بل هو في زعمهم لا حرية له، ولا اختيار، ويكفي في رد باطلهم هذا أن ما زعموه فيه اتهام باطل لله عز وجل بالظلم للعباد بتكليفهم مالا قدرة لهم عليه ومجازاتهم على ما ليس من فعلهم، تعالى الله عن ذلك. انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (٨/ ١١٨ و ٣٩٣)، وبدائع الفوائد (٤/ ١٦١٥)، والملل والنحل (١/ ٨٥)، وشرح العقيدة الواسطية للهراس (١٨٧).

<<  <   >  >>