للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا الرَّمْيُ وَالذَّبْحُ وَالْحَلْقُ وَالطَّوَافُ يُسَنُّ تَرْتيبُهَا كَمَا ذَكَرْنَا، وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِنِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ، وَيَبْقَى وَقْتُ الرَّمْيِ إِلَى آخِرِ يَوْمِ النَّحْرِ

===

(وهذا الرمي، والذبح، والحلق، والطواف يسنّ ترتيبها كما ذكرنا) اقتداء به -صلى الله عليه وسلم-، فإن غيّر هذا الترتيب .. جاز؛ للنص الصحيح الصريح فيه (١).

(ويدخل وقتها) أي: وقت الأعمالِ الأربعةِ المذكورةِ (بنصف ليلة النحر).

أما الرمي: فلحديث عائشة -رضي الله عنها-: (أرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأم سلمة ليلةَ النحر فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت) رواه أبو داوود، وصححه الحاكم على شرط مسلم (٢)، وحكى الترمذي عن الشافعي: أنه لا يدخل وقته إلا بطلوع الشمس، واستُغرب (٣).

وأما الطواف والحلق إذا جعلناه نسكًا: فبالقياس على الرمي؛ لاشتراك الثلاثة في كونها من أسباب التحلّل.

وشرط جواز هذه الأشياء في هذا الوقت: أن يتقدم الوقوف عليها، فإن فعلها بعد انتصاف الليل ثم وقف .. وجب عليه إعادتُها، ثم إن هذا كلَّه فيما عدا الذبح، أما الذبح .. فسيأتي في بابه.

(ويبقى وقتُ الرمي إلى آخر يوم النحر) لأن رجلًا قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إني رميت بعد ما أمسيت، قال: "لَا حَرَجَ"، رواه البخاري (٤)، والمساء عند العرب يُطلق على ما بعد الزوال.

وهل يمتدّ الرمي تلك الليلةَ إلى الفجر؟ فيه وجهان: أصحهما في "الشرح"، و"الروضة": لا؛ لعدم وروده (٥)، والثاني: نعم؛ تشبيهًا بالوقوف، وصححه المصنف في "المناسك الكبرى" في الكلام على رمي أيام التشريق، ووقع في "الرافعي" في الأغسال المسنونة نقلًا عن الأئمة أنه يمتدّ إلى الزوال، وجزم به في


(١) أخرجه البخاري (٨٣)، ومسلم (١٣٠٦) عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-.
(٢) سنن أبي داوود (١٩٤٢)، المستدرك (١/ ٤٦٩) عن عائشة -رضي الله عنها-.
(٣) سنن الترمذي (٨٩٣).
(٤) صحيح البخاري (١٧٢٣) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(٥) الشرح الكبير (٣/ ٤٣٧)، روضة الطالبين (٣/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>