سيمنعني. قال: فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى، وقريش في أنديتها، حتى قام عند المقام ثم قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} رافعا بها صوته {الرحمن علم القرآن} ثم استقبلها يقرؤها. قال: فتأملوه فجعلوا يقولون ماذا قال ابن أم عبد؟ ثم قالوا: إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد، فقاموا إليه، فجعلوا يضربونه في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه، وقد أثروا في وجهه، فقالوا له: هذا الذي خشينا عليك، فقال: ما كان أعداء الله أهون علي منهم الآن، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غدا؟ قالوا: لا، حسبك، قد أسمعتهم ما يكرهون) (١).
وذاك فتى مكة جمالا ومالا مصعب بن عمير رضي الله عنه (جـ)(فعن إبراهيم بن محمد العبدري عن أبيه قال: كان مصعب بن عمير فتى مكة شبابا وجمالا وسبيبا، وكان أبواه يحبانه، وكانت أمه مليئة كثيره المال، تكسوه أحسن ما يكون من الثياب وأرقه. وكان أعطر أهل مكة، يلبس الحضرمي من النعال. فكان رسول الله (ص) يذكره ويقول: ((ما رأيت بمكة أحدا أحسن لمة ولا أرق حلة، ولا أنعم نعمة من مصعب بن عمير)). فبلغه أن رسول الله (ص) يدعو إلى الإسلام في دار أرقم بن أبي الأرقم، فدخل عليه فأسلم وصدق به، وخرج.
فكتم إسلامه خوفا من أمه وقومه، فكان يختلف إلى رسول الله (ص) سرا. فبصر به عثمان بن طلحة يصلي، فأخبر أمه وقومه، فأخذوه