للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: ولهذا قال النبي (ص) يوم أساري بدر: ((لو كان المطعم بن عدي حيا ثم سألني في هؤلاء النقباء وهبتهم له)) (١).

٣ - وحين يمس الجوار حرية الدعوة فتختلف الصورة، وتختلف إمكانية الاستفادة منه. ونجد النموذج المتجسد في ذلك من خلال جور ابن الدغنة سيد القارة (٢) لأبي بكر رضي الله عنه.

فعن عائشة رضي الله عنها قالت:

(.... لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله (ص) طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون، خرج أبو بكر مهاجرا قبل الحبشة، حتى إذا بلغ الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة، فقال: أين تريد يا أبا بكر، فقال أبو بكر: أخرجني قومي، فأنا أريد أن أسيح في الأرض، فأعبد ربي. قال ابن الدغنة: إن مثلك لا يخرج ولا يخرج، فإنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق، وأنا لك جار فارجع، فاعبد ربك ببلادك، فارتحل ابن الدغنة، فرجع مع أبي بكر، فطاف في أشراف كفار قريش، فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج ولا يخرج أتخرجون رجلا يكسب


(١) البداية والنهاية لابن كثير ٣/ ١٥١. وقد أورد الإمام البخاري حديث المطعم بهذا النص: لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له. ك. المغاني ج ٥ ص. ١١.
(٢) القارة: هي القبائل التي كانت تسكن خارج مكة وهم بنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة وبنو المصطلق خزاعة، والهون ابن خزيمة بن مدركة.

<<  <   >  >>